وأما عن حلمه: فإنِّ كل من يتصدر للعامة لا بد أن يناله من أذاهم، وكان الشيخ رحمه الله يصبر، كان يُقرأ عليه ذات مرة من كتاب في الطريق من المسجد إلى البيت وهو راجع، فجاء رجلٌ أعرابيٌ جلفٌ فدفع طالبين هذا لليمين وهذا للشمال، ودخل بينهما، وأمسك بكتف الشيخ من الخلف، وجبذه بقوة حتى استدار جسد الشيخ من قوة الجبذة، وأمسكه من كتفه، وقال: هذه حاجتي ومد إليه بورقة، قال: ما حاجتك؟ قال: اقرأ فهي مكتوبة في الورقة، أنت لا تتفرغ لي! قال الطلاب: الآن، الله يستر ماذا سيحدث؟ وماذا سينال هذا الرجل؟ قال: لكننا فوجئنا أن الشيخ هش له وبش وابتسم واعتذر عن قضاء الحاجة الآن، فأصر الرجل ولم يقبل اعتذار الشيخ، ولم يزل بالشيخ حتى قضى له حاجته.
وليس ذلك بغريبٍ على من يدرس طلابه صحيح البخاري وفيه عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بردٌ نجرانيٌ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد! مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك، ثم أمر له بعطا) رواه البخاري.