سبب ارتحال النبي صلى الله عليه وسلم من المكان الذي ناموا فيه إلى مكان آخر

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (لا ضير، ارتحلوا) لماذا ارتحل النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه؟ ولماذا لم يصلوا في نفس المكان؟ ولماذا أمر الجيش أن يرتحل؟ قيل: إن ذلك بسبب حضور الشيطان في ذلك الموضع الذي كانوا فيه، كما ورد ذلك في صحيح مسلم: (إن هذا مكان فيه الشيطان قوموا) فقاموا من ذلك المكان الذي حضرهم فيه الشيطان.

وجاء عند أبي داود من حديث ابن مسعود في هذه القصة: (تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة) هذا وقد فات وقت الصلاة، فأمرهم بالارتحال من مكان الغفلة، لكي ينشط النائم ويقوم ويلحق بالناس من كان لم يقم بعد، ويتكامل العدد ويجتمعون، فنزل في مكان غير بعيد، لم يذهب ويؤخر الصلاة.

بعض الناس يقول: ما دام فاتت فاتت! فإذا استيقظ الساعة السابعة، قال: ما دام فاتت فاتت، ويكمل النوم إلى الساعة العاشرة والحادية عشرة، ومع الظهر، وهذا من جهلهم؛ لأن الإنسان إذا نام عن الصلاة يجب عليه أن يؤديها حينما يستيقظ، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاةٍ أو نسيها فوقتها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) لابد إذا استيقظ من النوم أن يصلي مباشرةً، ويجوز أن يتأخر شيئاً يسيراً لمصلحة؛ كأن يكون هناك جماعة فاتتهم الصلاة، فيقوم بعضهم فيؤذنون ويصلون السنة، وينتظرون بقية أصحابهم لأن يأتوا، كأن يقوموا من النوم ويتوضئوا، فإن الناس في قيامهم من النوم وطهارتهم ليسوا سواء، فبعضهم يقوم بسرعة، وبعضهم نومه فيه بطء، وبعضهم يتوضأ بسرعة، وبعضهم يحتاج إلى قضاء حاجة، وبعضهم ربما يطيل في قضاء الحاجة، فليسوا سواء، فحتى يدرك الجميع الجماعة فلا بأس بالتأخر اليسير في مثل هذه الحالة.

فالنبي صلى الله عليه وسلم نزل غير بعيد وصلى، وقيل: إنه غيَّر المكان تحرزاً من العدو.

وقيل: انتظاراً لما ينزل عليه من الوحي.

وقيل: ليستيقظ من كان نائماً، وينشط من كان كسلاناً.

وفيه: فائدة التحول من مكان الغفلة، فإذا كان في وادٍ يخرج منه.

وقيل: إن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يُدرى أن الشيطان حضر إلا بوحي.

على أية حال: من حصل له غفلة عليه أن يغير مكانه، ولذلك ندبنا في خطبة الجمعة إذا نعس الواحد في مكانه؛ فعليه أن يغير مكانه مع من بجانبه من اليمين أو الشمال، يتحول إلى مكان صاحبه وليتحول صاحبه مكانه، كما جاء في الحديث، فإذا أشار لك من بجانبك في خطبة الجمعة بتغيير المحل فلا تقل: ماذا يريد؟ هو في وادٍ آخر.

لا، عليك أن تفهم وتفقه وتتفطن أنه يريد أن يغير مكان الغفلة، ويجوز له أن يشير لأجل هذه المصلحة ولا يتكلم ولا تتكلم، ولا تقل: ماذا تريد؟ وإنما تغير مكانك بمكانه.

إذاً: أُمر الناس في سماع الخطبة يوم الجمعة بالتحول من مكانٍ إلى مكان آخر، وأن من حصلت له الغفلة عن عبادةٍ يتحول من ذلك المكان، وأن التأخر اليسير عن الصلاة بعد خروج وقتها لأجل انتظار الجماعة -مثلاً- أو أن ينشط الكسلان ويقوم النائم النعسان وثقيل النوم، أنه لا حرج فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015