قوله: (فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه الذي أصابهم)، وهذا يبين عظم وقع مصيبة فوات وقت الصلاة على الصحابة، وشدة محافظة القوم عليها، وتحسسهم من فقدها، وتأذيهم من ذلك لدرجة أنهم اعتبروها مشكلة أذية شكوا إليه الذي أصابهم، اعتبروها مصيبة أصابتهم، فشكوا إليه مصيبتهم التي أصابتهم، وما هي المصيبة؟ خروج وقت الصلاة، لا كما هو حالنا اليوم، فربما تفوتنا الصلوات والصلوات ولا يعتري الإنسان وربما لا يحدث له شيئاً، يقوم يصلي وكأنه لم يصبه شيء، لا مصيبة ولا أقل من المصيبة، ولا شك أن فوات العبادة يؤذي النفس المستقيمة، ويجعل الحرج موجوداً فيها، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم من شدة ما رأى من وقع المصيبة عليهم وهي فوات صلاة الفجر؛ عزَّاهم وآنسهم، ولما عرض لهم من الأسف والحزن قال: (لا ضير أو لا يضير) قالها تأنيساً لقلوبهم، لا حرج عليكم لأنكم لم تتعمدوا، وهنا يكون الفرق بين من نام عن الصلاة وقد اتخذ الأسباب ففاتته، وبين من نام عن الصلاة مهملاً الأسباب، فالذي ينام عن الصلاة المكتوبة قد ورد عقابه في حديث البرزخ، رأى النبي صلى الله عليه وسلم قوماً يعذبون في البرزخ، وكان عذاب الذي ينام عن الصلاة المكتوبة أن يشدخ رأسه بالحجر، ويعود رأسه كما كان، ثم يشدخ بالحجر، ويعود رأسه كما كان، إلى أن تقوم الساعة، قيل: إلى أن يبعث الناس من قبورهم، وهو عذاب في البرزخ على الراجح، من هو هذا الرجل؟ قال: (الذي ينام عن الصلاة المكتوبة) يرفض كتاب الله وينام عن الصلاة المكتوبة، هذه عقوبته، ولو قيل لك: ما عقوبة النوم عن الصلاة عمداً؟ فقل: هذا هو عقابه، وهذا يبعث الإحساس بالمسئولية للصلاة، خصوصاً عند أصحاب الأعمال الذين يشتغلون في النوبات، فبعض الأعمال في الشركات والمستشفيات أو الطيران ونحو ذلك فيها نوبات، فربما تنتهي نوبة أحدهم قبيل الظهر وهو ساهر أكثر الليل والصباح، فربما ينام ولا يصحو إلا المغرب، ويضيع العصر والظهر، وربما انتهى أيضاً قبل الفجر بقليل وينام ويضيع الفجر، وهكذا وهؤلاء ليس لهم عذر في أخذ الاحتياط لأجل الصلاة.