تعامل علماء السلف مع طلابهم المنحرفين

من الأشياء المهمة: عدم الاغترار بكثرة الطلاب، فقد جاء في كتاب عجائب الآثار عن شيخٍ كان يتفقه، وكان متفنناً في المسائل، ولكنه كان شاعراً ماجناً خليعاً، ومع ذلك كانت حلقة درسه تزيد على الثلاثمائة، هذا الكلام في القرون المتأخرة عام ألف ومائة وشيء، لكن الشاهد منه أنه ينبغي أن ينتبه لحلق أهل السنة وتميز عن حلق أهل البدعة، وحلق أهل العلم تميز من حلق غيرهم، وحلق المبتدعة لا تغرنا ولو كان فيها من الأعداد ما فيها، وهذا واضح، فإنك لترى الآن بعض مشايخ الصوفية ربما حضرت مجالسهم الآلاف، وإذا كانت الحلقة الآن أكثر ما فيها آلاف، فإن هناك حلقاً تعقد في استديوهاتٍ يحضرها الملايين، فلا يغرنك الكثرة ولو كانت كاثرة، فالعبرة بسلامة دين ومنهج صاحب الدرس والحلقة، سواءً كان في مسجد أو في مؤتمر أو في قناة فضائية، ليست العبرة بكثرة السامعين له، والمتناقلين لأخباره، فهذا واحد يقول: كان شاعراً ماجناً خليعاً يحضر عنده ثلاثمائة واحد.

وكان من هدي السلف إفساد حلق المبتدعة والكذابين، ومن ضمن القصص الطريفة؛ قصة حدثت للأعمش رحمه الله؛ دخل الأعمش جامع البصرة، فرأى قاصاً يقص، وكان القصاص يكذبون لأجل تخويف الناس، ويفترون الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ويختلقونها على الرواة، وما سمعوها منهم، فدخل الأعمش جامع البصرة، فرأى قاصاً يقص، ويقول حدثنا الأعمش، وهذا القاص لا يدري من هو الأعمش، وأنه الجالس في الحلقة يقول: حدثنا الأعمش، فقام الأعمش فمشى إلى وسط الحلقة وجلس، وجعل ينتف شعر إبطه، فقال القاص: يا شيخ ألا تستحي، فقال: لم؟ أنا في سنة وأنت في كذب؛ أنا الأعمش وما حدثتك.

وكذلك كان شأنهم في طرد الضالين والمفسدين من الحلقة تعزيراً وفضحاً ودرءاً لفتنتهم، فقال الذهبي رحمه الله في السير: واصل بن عطاء البليغ الأفوه، وعمرو بن عبيد رأسا الاعتزال (مذهب المعتزلة) طرده الحسن من مجلسه لما قال: الفاسق لا مؤمن ولا كافر، فانضم إليه عمرو واعتزلا حلقة الحسن، فسموا بـ المعتزلة، إذاً الحسن طرد واصل بن عطاء لأنه مفسد، فأي واحد مفسد أو مبتدع في الحلقة يطرد، تعزيراً وتوبيخاً وردعاً لأمثاله، وتحذيراً للآخرين من شره، وإيقافاً لفساده، فلا بد أن يتعامل معه بالحزم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015