أيها الأحبة في الله: أحوج الناس هم الضعفاء الأيتام، واليتيم قد انكسر قلبه بفراق أبيه، فهناك يتيمٌ لا يعرف أباه ألبتة، وهناك يتيم عاش مع أبيه أجمل اللحظات وقضى معه أفضل الساعات، وإذا به فجأة يختبئ عنه إذ صار في عداد الأموات، فأصبح منكسر القلب، مهموماً محزوناً يمضي مع الناس، فيرى كل ابنٍ مع أبيه، يمسح عليه ويحسن إليه، ويقف وحيداً فريداً كأنه يسائل أين أباه، وأين الرحمة التي أسدى إليه وأولاه، ولذلك إذا أراد الله بعبده الرحمة جاء إلى مثل هذا فمسح على رأسه، وجبر قلبه، وأحسن إليه بالقول والعمل، قال صلى الله عليه وسلم: (إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) فلليتيم حق ينبغي أن يحفظ، والله من فوق سبع سماوات يخاطب أفضل عباده وأشرفهم منزلةً عنده ويقول له: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} [الضحى:9].
يقول العلماء: أعظم ما يكون القهر لليتيم إذا جاء في شدة الحاجة والمسغبة منكسر القلب، مهموماً محزوناً فصفعته على وجهه فخيبت أمله، أصعب ما يكون على اليتيم إذا جاء في شدة الحاجة والضيق ملتجئاً إليك بعد الله سبحانه أن تفرج كربته وأن تحسن إليه، والأمل منعقد بك، وإذا بك تخيب أمله -لا قدر الله- وترده، فذلك أعظم ما يكون من القهر وهو قادرٌ على أن يقوم بحاجته.
وعلى المسلم أن يعلم أن الله تعالى لا يمكن أن يوفق للخير إلا من أحب، ولذلك قال العلماء: إن السعي في حوائج الناس لا يكون إلا بقوة الإيمان، ورجاء ما عند الله سبحانه وتعالى.
لن تجد إنساناً حريصاً على إسداء الخير إلى الناس، وتفريج كرباتهم، والعطف عليهم، وإدخال السرور عليهم، إلا مؤمناً يرجو الله والدار الآخرة.