Q أنا في بداية طلب العلم، وأحفظ شيئاً من كتاب الله تعالى وبعض المتون، وأسمع شرحها من الأشرطة فهل هذه الطريقة صحيحة؟ علماً أن الدروس لا يوجد مشايخ يشرحونها حالياً أثابكم الله.
صلى الله عليه وسلم بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: العلم سنة متبعة تؤخذ من أفواه الرجال، ولابد لطالب العلم من شيخ يتتلمذ عليه، ويحصل العلم على يديه، ويأخذ من منهجه الفعلي كما يأخذ من منهجه القولي، لابد من هذا، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور العلماء -بعد إذ وعوه- ولكن يقبضه بموت العلماء).
قال الإمام الحافظ وغيره: إن في هذا دليلاً على أن العلم لا يؤخذ من الكتب، وإذا لم يؤخذ من الكتب لا يؤخذ من الأشرطة؛ بمعنى أن طالب العلم لا ينحصر فيها، وينبغي لطالب العلم أن يجلس في مجالس العلماء إذا لم يوجد عالم في قريتك ومدينتك تنظر إلى العطلة وإلى أوقات الفراغ، فتسافر إلى منطقة فيها علماء، تقرأ عليهم متوناً أو كتباً تستطيع أن تحصل بها العلم وتستطيع أن ترجع بها إلى أهلك، ولو على فترات، تسافر إلى الشيخ تقرأ عليه كتاب الطهارة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتب العبادات، كتب المعاملات، لابد من هذا، لابد من وجود العالم، ولا يصح العلم بسماع الأشرطة فقط مجردة عن حضور العلماء.
ولذلك كثير من الآفات وجدناها: طلاب العلم الذين يتخرجون عن طريق الأشرطة يخطئون أخطاءً بشعة؛ والسبب في هذا عدم جلوسهم على أيدي علماء، وعدم تربيتهم، وعدم تلقيهم للعلم كما ينبغي ظاهراً وباطناً بالجلوس على أيدي العلماء ومعرفة منهج العلماء وكيفية فتواهم وتعليلهم، ونحو ذلك مما يستفاد من مخالطة أهل العلم، ولا أشك أنه إذا سمع الشريط ونزلت عليه -مثلاً- مشكلة أو نازلة لا يستطيع أن يسأل سؤالاً مباشراً، ولا يستطيع أن يجد جواباً لهذا الإشكال.
لكن لو أن الإنسان يحضر دروساً، ثم إذا غاب الشيخ وسمع الشريط لا بأس؛ لأنه قد استفاد من طول مجالسته للعلماء، والغالب أنه يباشر السماع للعالم، والغياب هذا في فترات لا يقدح، ومن هنا كان الصحابة إذا غاب أحدهم سمع من أخيه، فـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يستنيب رجلاً حينما كان يذهب إلى مزرعته بالعوالي، وهذه طريقة من طرق السلف؛ لكنه استناب رجلاً يسمع ويعلم، وحينئذ يكون التلقي كالتلقي المباشر؛ لأن الفرع تابع لأصله.
وعلى كل حال: ينبغي الحرص على أخذ العلم مشافهة من العلماء ما أمكن.
والله تعالى أعلم.