ومن ثمرات الإيمان، ثبات القلوب، فإن من أعظم المصائب وأجلها في الدنيا تقلب القلوب عن طاعة الله، وأعظم ما يكون ذلك التقلب بالانتكاسة عن دين الله وعن شريعته، فإذا كان العبد مؤمناً ثبت الله قلبه بالإيمان {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم:27].
المؤمنون أهل ثبات وأهل يقين، لا تقلبهم الفتن، ولا تضرهم المحن، ولكنهم على الثبات، عضوا على حبل الله بالنواجذ، واستمسكوا بعروة الله الوثقى، فالجنة والنار نصب أعينهم، والآخرة كأنها قريبة منهم، يثبت الله بذلك قلوبهم، ويشرح بذلك صدورهم، حتى يكونوا على صراط الله ومنهجه.
إذا كمل إيمان العبد كملت استقامته وثبتت قدمه، واستمسك بعروة الله الوثقى إلى لقاء الله جل وعلا، حتى إذا جاءه الموت جاءه على خصال الخير، جاءه الموت راكعاً أو جاءه ساجداً، أو جاءه صائماً، أو جاءه في الليل قائماً، أو جاءه حاجاً أو معتمراً أو مزكياً أو واصلاً للرحم أو باراً لأمه وأبيه، يأتيه الموت على أحسن الحالات وأشرف الساعات، لكي يتم الله رضوانه عليه، يثبت الله بالإيمان القلوب، فهذا من ثبات القلوب.
أما إذا ضعف الإيمان اختلجت القلوب عن الطاعات، وتلبست بالمعاصي والسيئات، حتى لا يبالي الله بها في أي أودية الدنيا هلكت، إذا ضعف إيمان العبد فإنه يتزلزل وسرعان ما ينتكس قلبه {يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج:11].