الوصية الأخيرة: يا أمة الله! إن الله حملك المسئولية والأمانة، حملكِ المسئولية عن الأبناء والبنات، حملكِ المسئولية عن هذه الذريات كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها).
الله الله يا نساء المؤمنات! الله الله في الأبناء والبنات! الله الله في هذه الرسالة العظيمة التي يُنتظر منكن أداؤها، ويُنتظر منكن القيام بعبئها! لا تتركي الابن والبنت إلى خادمة أو غيرها، أنت الأم، وأنت الحانية، وأنت المربية، وأنت المعلمة، وأنت الموجهة، إلى أين تخرجين؟ وأبناؤك لمن تتركين؟ خذي بأسباب رحمة الله فلعلك أن تعرضي عن الأبناء والبنات فيفتح الله عليك بذلك الإعراض باب البليات، اتقي الله في الأبناء والبنات، واحملي رسالة البيت على أتم الوجوه وأكملها، تقربي إلى الله بغرس الإيمان، بغرس توحيد الرحمن في تلك القلوب البريئة حتى تنشأ على أحسن ما يكون التوحيد والإذعان.
يا أمة الله! إن رسالة التربية في عنقك شئت أم أبيت، أخذت أو فررت، فلتقفن بين يدي الله، وليسألنك الله جل جلاله عن الأبناء والبنات، اتقي الله في الذريات، إياك وترك الأبناء والبنات دون تربية تحسين فيها بأداء الرسالة على أتم الوجوه وأكملها.
إن كثيراً من الأبناء والبنات إنما تردى في المسكرات والمخدرات بسبب غفلة الآباء والأمهات، ولذلك جعل الله عذاب الآباء والأمهات إذا وقع الأبناء والبنات في المخدرات عظيماً، وتجد الأب وتجد الأم يعاني عناء الابن والبنت حين يقع كلٌ منهما في هذا البلاء؛ لأنهما السبب، السبب الذي نشأ عن تفريطهما وتساهلهما في أداء رسالتهما.
فاتقي الله يا أمة الله، واعلمي أنه لا بد من المصير إلى الله، واعلمي أن الله سيسألك عن هذه الأمانة العظيمة، فخذي بمجامع قلوب الصبية إلى محبة الله جل جلاله ومرضاته، كم من ابن وكم من بنت فرت عن هذه البليات بسبب وصية وقعت في القلوب من الآباء والأمهات! إن الأم الصالحة التي غرست في تلك القلوب البريئة المعاني السامية لن تجني من تلك الذرية إلا خيراً، وأبى الله لامرأة تربي صغيرها وتربي بنتها على طاعة الله إلا أن يقر عينها بذلك الخير الذي غرسته، فاحتسبي عند الله في القيام بهذه الرسالة على أتم الوجوه وأكلمها.
أسال الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يسلمنا وإياكم من هذا البلاء العظيم.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن ترفع عن هذه الأمة بلاء المسكرات والمخدرات، اللهم ارحم العقول التي ذهبت، وارحم الأجساد التي سقمت، اللهم إنا نسألك أن يرتفع هذا البلاء، وأن يزول هذا العناء، ونسألك اللهم أن توفق من تسبب في إزالته، اللهم إنا نسألك أن تخذل من كان سبباً في نشره، اللهم اطمس على سمعه وقلبه وبصره، وخذه أخذ عزيز مقتدر يا ذا العزة والجلال والعظمة والكمال، ونسألك أن توفق كل من أراد قفل بابه لكل خير، وأن تعظم له الأجر في الدنيا والآخرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين.