Q يقول كثير من الناس: إن التغيير باليد مقتصر على رجال الهيئة، فهل يكفي هذا إذا وجدت منكراً أن أتصل بالهيئة وتبرأ ذمتي بذلك؟
صلى الله عليه وسلم لا شك أنه إذا كانت الهيئة تقوم بمهمتها -وهذا هو الظن بها- أن تتعاون معها، خاصة وأنك إذا غيرت بيدك, قد يحصل أمور لا يحمد عقباها, افرض لو غيرت بيدك وجاء الرجل وجعلك معتدياً عليه واستعدى عليك, فحينئذٍ يكون هناك جهاز مختص بتغيير المنكر فإذا أمكنك أن تتصل به وأن تنسق معه فهذا أمر مطلوب, فيحاول الإنسان بقدر الاستطاعة حتى لا يؤذى أهل الحق, ولا يتسلط أهل الباطل عليهم, فلذلك يتصل الإنسان بالهيئة لتغييره, لكن لو كان الأمر ممكناً للإنسان في حدوده أن ينكره ويغيره بيده وبلسانه مباشرة فليفعل, لكن في الأمور التي تترتب عليها مفاسد أو تكون منها أضرار أو تفتح لأهل الشر سبيلهم، فإنه ينبغي أن يتقيها, يعني: قدر المستطاع، ويدل على هذا قوله تعالى: {قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} [طه:94] انظر هارون أمام عجل يعبد من دون الله, لكنه انتظر مجيء موسى الذي قال: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً} [طه:97] وأخذ بالقوة حتى أخذ هارون ينكر عليه هذا, قالوا: إنه إذا تيسر الإنكار باليد بوجود من يقوم به، فالإنسان يتعاون مع الهيئة ويتصل بهم، وقد تكون هناك مصالح في هذا الأمر, لكن نترك الأمر بالمعروف نهائياًَ بناءً على وجود هيئة الأمر بالمعروف فلا, إنما يقوم الإنسان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر استطاعته, فإذا أمنت المفاسد وتحققت المصالح فثم شرع الله, تبدأ وتنكر وتبين بغض النظر عما سيكون من العواقب الحميدة أو الوخيمة، وأما إذا تيسر وجود من يقوم بهذا الأمر فإن الإنسان يحرص على إقامته, والله تعالى أعلم.
أسأل الله العظيم أن يجزيكم كل خير, وأن يجمعنا في دار كرامته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.