أما بالنسبة للعاقبة التي تكون، فإن الإنسان إذا أهانه أحد أو تكلم عليه أو عنفه أو وبخه فما عليك، فأنت بريءٌ من المسئولية إذا كنت تسير على نهج الله عز جل, مثلاً: لو مررت على رجل فأنكرت عليه منكراً أو غيرت منكراً, فقال: يا ظالم أو قال يا كذا فسبك وشتمك وأهانك فإنما يتسلط على الحق, ولا يتسلط عليك؛ لأن الذي فعلته هو أمر الله جل جلاله, والذي نهيت عنه هو نهي الله جل جلاله, فالشتم الذي يكون منه والأذية ليس في عرضك منه شيء, وأنت في سلامة منه، ولكن الله هو الذي يتكفل بأمره, ولذلك قلّ أن تجد إنساناً يهين أحداً من أولياء الله عز وجل والدعاة والهداة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر يسلم من سوء الخاتمة -نسأل الله السلامة والعافية- وقل أن تجد إنساناً يحتقر العلماء أو يتنقصهم أو يذمهم أو يحاول دائماًَ أن لا يمكنه من دعوته إلى الله عز وجل أن يسلم كذلك من سوء الخاتمة كما يحصل لبعض الفساق حينما يؤذيك بلسانه أو يحتقرك أو يشيع في حيه أنك شديد وأنك عنيف كل هذا لا تبالي به, لكن المهم للداعية والآمر بالمعروف أن يوطن نفسه على هذه الأمور حتى يصبر؛ لأنها عزيمة على الرشد، وتقوي النفس على طاعة الله سبحانه وتعالى, وتقويها على محبة الله جل جلاله.
ثم لنا قدوة في الأنبياء والرسل صلوات ربي وسلامه عليهم، حينما أوذوا في الله, وكان لهم ما كان, فأعظم الله أجرهم, قال الله تعالى: {لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً} [الأحزاب:69].
الأولى: {لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} [الأحزاب:69] وهنا أذية، ومعناها: إذا أوذي موسى فإننا سنؤذى، هذا هو الأصل الذي نتكلم عليه أولاً.
ثم قال تعالى: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب:69] فالذي برأ موسى سيبرئك؛ لأن الرسالة واحدة والمصدر واحد.
الثانية: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً} [الأحزاب:69] قال بعض العلماء: من أمر بطاعة الله ونهى عن معصية الله فأوذي؛ فإنه وجيهٌ عند الله سبحانه وتعالى, وله كرامة عند الله سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل.