Q كيف يكون وعظ المرأة الناشز على زوجها؟
صلى الله عليه وسلم المرأة لا يجوز لها أن تنشز على زوجها، والنشوز هو: الشيء المرتفع، العرب تقول: أرض ناشز، إذا كانت مرتفعة، كالهضبة ونحوها، فالمرأة في الأصل تحت الرجل، هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن يكابر فيها؛ لأن الله خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته، فشرفه بهذا الشرف ثم خلق منه حواء، وقال: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:189] هذه حقيقة ينبغي للمرأة المؤمنة أن تُسلم بها تسليماً، وألا يغرها هذه الدعاوى المغرضة لأعداء الإسلام أن المرأة والرجل سواء، هذه حقيقة ينبغي أن تعيها وتكون على بينة؛ لأنها نصوص من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم واضحة جلية.
قال عليه الصلاة والسلام: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت بعلها؛ قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت) فالمرأة الصالحة تدرك هذا، والحمد لله أن نساء المؤمنين يدركن هذا، ولا ينطلي عليهن ما يروجه أعداء الإسلام من مثل هذا، فالنشوز يأتي بسبب الدعاوى المغرضة من أعداء الإسلام لإغراء المرأة أن تكون متمردة على زوجها، وهذا من أسوأ ما وقع في المجتمع الإسلامي، بل في المجتمعات كلها، ولذلك ما صلحت الأسرة المسلمة إلا بهذه الحقيقة، أن تكون المرأة مع زوجها معينة له على كل خير وبر، فقد قادت الأمة العالم من المحيط إلى المحيط لما كانت المرأة مع زوجها كأكمل ما تكون المرأة مع بعلها، تحسن له التبعل، وتحسن له السمع والطاعة، وتحسن له القيام على ولده، وتحفظه في غيبته، فكانت الأمة بخير حال.
فلذلك النشوز شر وبلاء، ولخطر النشوز ذكره الله في كتابه: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء:34]، المرأة تنشز عن زوجها بصور؛ إما أن تنشز في القول أو في الفعل، النشوز بالقول: ترفع صوتها عليه أو تخاصمه، وبدل أن يأمرها تأمره، بدل أن ينهاها هي التي تنهاه، يقول لها مثلاً: اخرجي من هنا، فتقول: اخرج من هنا أنت، تنشز بالفعل، يقول لها: هذا ضعيه هنا فتضعه في مكان آخر، هذا كله من النشوز، وقد تحدث حركات تدل على التهكم والاستخفاف، فإن فعلت ذلك واسترجلت على بعلها وعصت ربها؛ لُعنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لعن الله المترجلات من النساء).
فالمرأة الصالحة المؤمنة التقية النقية تراقب الله في حق بعلها، وأمور الأمة سائرة على هذا الأصل، ولا تظن المرأة أن هذا عيب أو نقص لا والله، بل كمال؛ لأن الله فضّل من فضّل، وجعل في المرأة ضعفاً وهو كمالٌ فيها، فهذا الضعف يحتاج إلى قوة، وهذه القوة هي التي تكون عليك، وهذه فطرة الله، لا تبديل لخلق الله، فإن نشزت المرأة خرجت على الفطرة وخالفتها وأصبحت هي التي تأمر وتنهى، والله يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34].
ونشوز المرأة قد يكون داخل البيت وقد يكون خارجه، فيكون داخل البيت بتغيير أمور ما أذن الزوج بتغييرها، أمرها زوجها في داخل بيتها بأمور -كما ذكرنا- فتخالفه وتعصيه، ويكون خارج البيت بالخروج من دون إذنه، وأيما امرأة خرجت من بيتها من غير إذن زوجها فقد نشزت وعصت، فإذا كان رسول الأمة صلى الله عليه وآله وسلم يبين حق الرجل في الإذن للمرأة بالخروج من بيته، فقد ورد في الصحيحين من حديث ابن عمر: (إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد، فلا يمنعها)، فإذا أرادت أن تخرج إلى الصلاة فلا تخرج إلا بإذن زوجها، فكيف بما سوى الصلاة؟ هذا يدل دلالة واضحة على أن المرأة تقر في البيت: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] فالأصل أن المرأة لا تنشز عن زوجها ولا تعصي بعلها.
فإذا نشزت جعل الله عز وجل علاجاً لذلك: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء:34] ثلاثة حلول: أولاً: الموعظة، تقول لها: يا فلانة! اتقي الله، واعلمي أنك قد عصيت ربك، يا أم فلان! إن الله عظم حقي عليك، يا أم فلان ما هكذا تكون الزوجة، فيعظها ويذكرها بالله عز وجل ويخوفها من عقوبة الله العاجلة والآجلة، فإذا ذكّرها ووعظها المرة والمرتين والثلاث، فإنه يعظها بالقول المؤثر؛ لأن الإسلام فيه ترغيب وترهيب، الموعظة بالترغيب يقول لها: أنت أكمل من أن تكوني بهذه الحالة، كنت جميلة بعيني وأنت مطيعة، فكيف تغير حالك اليوم، ولا يقول لها: لست جميلة أو يذمها، يقول: والله إني أرى فيك اختلافاً، فأنت قد أحسنت بالأمس وكنت على كمال وإكرام! ما أجملك -بالأمس- وأنت مطيعة! فالمرأة تغار، فيحرك فيها المحبة بأكثر من أسلوب، فيبدأ بالأسلوب الأخف فالأخف، لأن أئمة الإسلام قرروا قاعدة أنه لا يجوز استخدام العقوبة الأعلى مع وجود ما هو أخف منها، والله عز وجل دل على هذا: {فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء:34].
بعض النساء يؤثر فيهن المدح، يقول لها: ما شاء الله كنتِ بالأمس من أحسن وأكمل النساء في نظري! -والمرأة من أحسن النساء في نظر زوجها؛ لأنه ما عنده غيرها- فتقول له: واليوم؟ فيقول: أنت أدرى.
هذا جواب واضح، وعتاب وتوبيخ مضمّن، وهذا أسلوب من أكمل الأساليب، فالإنسان الحكيم العاقل، يحاول ألا يصل إلى الوعظ بالذبح، بل يكون وعظه مهذباً كاملاً، كما ذكرنا في صفات الواعظ، فبدأ الله بالموعظة، ثم ذكر بعد ذلك الهجر في المضجع، ثم إذا أعيت الحيلة يضربها ضرباً غير مبرح، ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يعنف تعنيفاً يؤذيها، وإنما يضربها الضرب الذي يؤثر في مثلها، ويردعها عن غيها وخطئها، والله تعالى أعلم.