Q يرى في مكة والمدينة بعض الحجاج يقعون في بدع وشركيات، ويلطخون عقيدتهم بالخرافات والخزعبلات، فما هو دور الموحدين، وما هي نصيحتك لهؤلاء؟
صلى الله عليه وسلم بِاسْمِ اللهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإن الله تعالى أكرم الحرمين وأنعم عليها -بل على الإسلام كله- بهذه الدولة المباركة التي حفظت حمى التوحيد، وحرصت كل الحرص على حماية جناب التوحيد من الشرك والخرافات، فمن يعرف المدينة والحرمين قبل هذه النعمة العظيمة، فإنه يعرف جليل ما أنعم الله على الإسلام والمسلمين، فقد كان الناس في كثير من الجهل والبدع والضلالات والخرافات، وكانت أموال الناس تؤكل بالباطل، وكانت تحيا بدع المضلين، وتمات سنن المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم، ولكن الله منّ على العباد بهذا النور وهذا الخير الذي تبددت به دياجير الظلم والظلمات، وأشرقت به أنوار التوحيد والرسالة، وعظم به الخير على هذه الأمة، وصلح حالها والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
إن وقع شيء من الإخلال من بعض الوافدين فينبغي أن يوجهوا وأن يعلموا، وأن يدلوا على ما هو أحكم، وعلى صراط الله عَزَّ وَجَلَ الأسلم الذي هو صراط التوحيد، نوصي كل من يرى أمراً من الأمور التي تخالف عقيدة التوحيد والإخلاص أن يبين الحق وأن يدل عليه؛ لأنه يتكلم بسلطان الحق، والله يؤيده ويفتح عليه، ويجعل له من أمره رشداً {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء:18] فيحرص طلاب العلم والعلماء والدعاة وكل مؤمن موحد على التوحيد وينبغي أن يغار عليه، الهدهد جاء إلى سليمان وقد غار حينما رأى أهل الشرك يعبدون الشمس، وهو حيوان جاء طائراً يطير بجناحيه، غار على التوحيد والإيمان، والسماوات والأرض والجبال تكاد تنهد وتندك إذا دعي لله الولد لو أذن لها لانهدت واندكت {أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً} [مريم:91 - 94] سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذا كانت الجبال تنهد غيرةً على التوحيد والإيمان، فكيف بقلب المؤمن الذي يخاف الله ويرجو رحمته، فإنه أولى وأحرى، وبين له بالتي هي أحسن أولاً أن يكون عندك علم وتقول: هذا لا يجوز وهذا شرك وهذا يخرج العبد من الإسلام، قد يكون بين الرجل والشرك كلمة واحدة يستغيث فيها بغير الله ويستجير فيها بغير الله والعياذ بالله، وقد تكون منه فعلة واحدة تخرجه من ربقة الإسلام فيشرك بالله {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:31] نسأل الله السَّلامة والعافية، فيحرص الإنسان على توجيه هؤلاء، وكثير من هؤلاء لا يفقهون ولا يعلمون، فهم أتباع كل زاعق وناعق كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبهم في نار جهنم، فالواجب نصيحتهم ودلالتهم إلى الخير، لكن ينبغي أن يحرص على الكلمة الطيبة والتوجيه المؤثر وبالتي هي أحسن ما أمكن، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد ينقذ بك بكلمة عبداً من النار، فيكون ذلك أعظم لأجرك وأتقى لربك، واللهُ تَعَاَلَى أَعْلَم.