Q تزوجت امرأة صالحة والحمد لله، إلا أن والدي لم يكن موافقاً على هذا الزواج وتجاهلت هذا الأمر لصلاح المرأة، ما هو الحكم الآن هل ترى أنني أطلقها أم ماذا أفعل؟
صلى الله عليه وسلم إذا وجد الإنسان امرأة صالحة وكان أبوه لا يرضاها فإنه إذا ذكر عيباً أو ذكر أمراً يعتبر وجيهاً في امتناعه من زواج ابنه بهذه المرأة فإنه يجب عليه بره قولاً واحداً.
أما إذا كان لم يذكر شيئاً فإن الصالحات موجودات وكثيرات والحمد لله، إذا لم تتيسر هذه فيتيسر غيرها، ولذلك أقول: إنك لربما تجد المرأة صالحة ويعلم الله أن صلاحها لا يثبت ولا يدوم فيسخر الله لك الأب يقول لك: لا.
لا تتزوجها أو يسخر الله لك الأم تقول: لا تتزوجها.
لكي يبتلي الله أمرك، فإن بررت عصمك من فتنة انتكاسها، وإن عققت أوقعك فيما يكون من سوء عاقبتها، وقد تكون المرأة على صلاح واستقامة، ولكن يعلم الله أن ذريتها غير صالحة، ويعلم الله أن ما يكون منها ليس بصالح.
ذكر بعض الإخوة أنه عرضت عليه امرأة صالحة وكان باراً بأبيه فحاول فيه إخوانه وخلانه يقول: حتى هممت أن أقطع أبي وأعقه وأتزوجها، ولكن وجدت أحد العلماء سألته فقال لي: بر أباك ولعل هذا البر أن يعصمك الله به من شر، ثم شاء الله عز وجل أن تزوجها غيره فلما تزوجها غيره تركها وتزوج غيرها وكانت قريبة له يرضاها أبوه، وكانت على صلاح لكن دون صلاح الأولى يقول: وشاء الله عز وجل أن انتكست المرأة الأولى -والعياذ بالله- فالله حكيم في خلقه فإذا وجدت الوالد والوالدة يمتنعان من شيء فإن الله يعلم وأنت لا تعلم، فبر والديك فإن عواقب الأمور هي المهمة وقد ترى المرأة على صلاح في بدايتها لكن ما تعلم نهايتها.
وكذلك أقول للمرأة، إذا حضر الزوج فإن بعض النساء يرغبن في الزواج من رجل ويرغب الوالد من رجل آخر، ويكن ذا دين واستقامة، وليس على الذي اختاره الأب من محذور شرعي فتختار هي ذلك وتقول: هذا أفضل من هذا، فيشاء الله عز وجل أن يكون مثلما يكون في النساء فلعل الرجل الذي تختاره المرأة لا يستديم صلاحه ولعله أن يكون ديناً لكن طباعه ليست بحميدة، وقد تكون ذريته ليست بصالحة، فإياك إذا عرض الأب عليك أمراً ليس فيه معصية لله أن تترددي لحظة واحدة في القبول، ولذلك ينبغي للمرأة أن تبر.
عرض أب على ابنته أن تتزوج من ابن عمها وكان كبير السن -يعني: أكبر منها سناً- ولكن فيه قوة الشباب وليس بذي هرم ولكنه في الخمسة والأربعين تقريباً، وكانت البنت في قرابة العشرين فعرض عليها ابن عمها فأبت وأصرت وعاندت، فجاء من يذكرها بالله عز وجل وينصحها فقالت: ما دام أن أبي اختاره فإني قد رضيت به، وكانت تكره هذا الزوج وتمقته وتحتقره، وصبرت وصابرت وتزوجت ودخل بها، فإذا بالله عز وجل يقلب قلبها وإذا به أحب إليها حتى في بعض الأحيان من أهلها وقرابتها، ثم شاء الله عز وجل أن يخرج من ذريتها صبية من خيار الصبيان، ولا زالت تربي وتجد الخير في الزواج من هذا الرجل، الآن بعض النساء بمجرد أن تبلغ تضع في ذهنها أن تتزوج على طريقة معينة تحس أن الوالد والوالدة إذا تدخلا في أمرها أن الدنيا قامت وقعدت، فترد على أبيها وتسفه رأيه وتغضب وتحدث مشكلة في البيت، وتقيم الدنيا وتقعدها سبحان الله! متى كانت نساء المؤمنين ترفع الواحدة بصرها في وجه أبيها؟ من أين جاءنا هذا البلاء؟ متى كانت المرأة تعترض على أبيها في زواج لم يكن فيه معصية الله عز وجل؟ كانت المرأة على حسن ظن: هل أحد يشك في صدق الوالدين؟ هل أحد يشك في حب الوالدين الخير لك؟ من الذي يتهم والديه بحب الشر للإنسان؟ فالوالد قد يصر على قريب -ابن عم- لعلمه أن القريب يستر العورة ويغفر الزلة، وأنه يحس أن ابنة عمه فضيحتها فضيحة له، ويصبر ويصابر لأشياء يراها الوالد قد لا تراها المرأة، نحن لا ندعو إلى التعصب والجمود على العادات، ولكن مع ذلك نريد المرأة أن تكون عاقلة فاهمة لا نريد إلغاء حقوق الوالدين ولا نريد فتح الباب، إنما نريد أن تقدر الأمور بقدرها، المرأة إذا عرض عليها الوالدان الزواج أو الرجل إذا عرض عليه الأمر في الزواج والداه ينبغي عليه أن أن يبادر ببر الوالدين ما لم يجد معصية وحداً من حدود الله.
بل إن بعض النساء عرض عليهن شارب خمر -والعياذ بالله- وكان يصلي ولكن مبتلى بشرب الخمر وكان ابن عم للوالد فقالت لأبيها: أنت تأمرني أن أتزوجه -كانت امرأة صالحة- قال: نعم.
آمرك بذلك ولا تتزوجي غيره، قالت: إذاً أنا لا أرضاه إلا من أجل برك، والله يعلم أني ما قبلته إلا من أجل رضاك، فشاء الله عز وجل بمجرد أن دخل زوجها عليها ما مضت فترة يسيرة حتى هدى الله قلب ذلك الزوج على يديها، وأصبح يحبها ويكرمها ويحس أنها أنقذته من النار، حتى إنه يثني عليها ويقول: دلتني على طريق المساجد، فعلت بي وفعلت بي، فأصبح خير زوج لها بالبر.
فالذي نريد أن ينظر الأبناء والبنات في حق الوالدين من السمع والطاعة وإجلال للأمور وتقديرها بقدرها.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا في القول والعمل، وأن يعصمنا من الزلل، والله تعالى أعلم.