أما الحق الرابع: فحق الزوج على زوجته الطاعة بالمعروف: وهذا الحق بينه الله تعالى في كتابه فقال تقدست أسماؤه: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34] فللرجل حق القوامة على المرأة، والمرأة تحت الرجل تشد من أزره وتعينه وتسدده وتقربه من طاعة ربه ومرضاته، فالرجل له حق القوامة على النساء، ولذلك من حكمة الله وفطرته التي فطر الناس عليها -لا تبديل لخلق الله- أن الرجال أقدر على تدبير وتصريف الأمور من النساء، وفي النساء الدعة والرحمة والحنان واللطف؛ لكي يكمل هذا نقص هذا، ويجبر هذا كسر هذا فسبحان العليم الخبير! وسبحان اللطيف البصير! إذ جعل المرأة على الضعف حتى تسد عجز من الرجل الخشونة، وجعل الرجل في الخشونة حتى يسد ضعف المرأة من اللين.
فإذا استرجلت المرأة وأصبحت كالرجال، فإنها قد لعنت بلعنة الله عز وجل: (لعن الله النساء المسترجلات)؛ التي تحاول الواحدة منهن أن تظهر أن لها فضلاً على الرجل، وأنها أصبحت تساويه وتنافسه، وأن دراستها وعلمها وشهادتها قد أهّلوها أن تعصي أمره، وتبتعد عن نهيه، تباً لها من امرأة! عصت ربها، واعتدت حدودها، وخالفت فطرتها ولذلك لن تجد امرأة تسترجل وتخرج عن أنوثتها ورقتها إلا مقتها وازدراها الناس، وسقطت من الأعين مهما كانت تلك المرأة على فطنة وذكاء وعلم.
ولذلك ينبغي للمرأة أن تعي رسالتها تجاه زوجها، قال صلى الله عليه وسلم لامرأة من النساء يعرفها بحق بعلها: (إنه جنتك ونارك) أي: هذا الزوج الذي أمامك هو الجنة إن أطعتِ الله فيه، وهو النار إن عصيتِ الله عز وجل فيه، إن أمرك بأمر فقولي بلسان الحال والمقال: سمعت وأطعت لله، لكن بشرط أن يكون هذا الأمر في حدود طاعة الله ومرضاة الله، فإن أمرك بالمنكر فدليه وأرشديه، وخذي بحجزه واهديه لعل الله عز وجل من عذابه أن يقيه، دليه على سبيل الرضا، واهديه إلى محبة الله والتقوى لعل الله أن ينقذه بدلالتك، فإن أمركِ بأمر لم يأذن الله به، فقولي له: إن في هذا معصية لله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
عجب والله! أن تجد المرأة على الصلاح والعفة، وتجد الرجل يأمرها -بناء على أن الطاعة له- بما لم يأذن الله به؛ من الرجال من يأمر امرأته أن تصب القهوة للرجال الأجانب من الرجال -والعياذ بالله- من يأمر أهله بالدخول على الغريب الأجنبي حاسرة لكي تبدي زينتها وجمالها وفتنتها -أعوذ بالله- تباً له من زوج! عصى الله وآذى الله، وفتن المرأة في طاعته ومعصية الله.
فالله الله أن يستغل الرجل هذه القوامة فيأمر بما لم يأمر الله به، وإياك أيتها المسلمة المؤمنة أن تؤمري بأمر لم يأذن الله به فتذلي لذلك الأمر، فالذلة لله وحده، والعزة لله وحده، والذلة من العباد لله، فيذلون له وحده، فالأمر أمره، والشرع شرعه، والدين دينه، والأجساد أجساده، والأرواح أرواحه، لا ينبغي أن تستغل إلا في طاعته ومحبته.
فإذا اعتدى الزوج هذه الحدود، وأراد أن ينتهك محارم الله فعندها تقف المرأة ناهية له عن المنكر، مبتعدة عن اقتراف ما أمرها به من حدود الله وزواجره.
وأيما امرأة وفت لله فأطاعت زوجها أعانها الله على حصول مرضاته عنها؛ فإن المرأة إذا أرضت زوجها كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم زفت إلى الجنان وخيرت من أي أبواب الجنة أن تدخل، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن عنه: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) طوبى لامرأة ماتت وتوفاها الله وزوجها راضٍ عنها.
وطاعة الزوج أمر عظيم، ولذلك إذا كفرت عشيرها، وآذت الله في زوجها، فإنها مأذونة بالنار وبئس القرار.
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وعظ النساء، فذكرهن بالله عز وجل، ثم قال عليه الصلاة والسلام: (استغفرن الله واتقين النار فإني أُريت أنكن أكثر حطب جهنم، قلنا: ولم يا رسول الله؟ قال: بكفركن! قلنا: أيكفرن بالله؟ قال: لا، وإنما يكفرن العشير)؛ أي: تكون المرأة عند زوجها يحسن إليها ويكرمها، وتأتي لحظة من اللحظات تحصل منه هنة من الهنات أو زلة من الزلات، فتمد يدها والذهب في ذلك اليد الذي امتن به زوجها عليها، لتقول له: ما رأيت منك خيراً قط، وبهذه الكلمة تتبوأ مقعدها من النار والعياذ بالله.
حق الزوج على الزوجة عظيم، فلا تخرج إلا بإذنه، ولا تدخل أحداً إلى بيت الزوجية إلا بإذنه، كما في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال في حقوق الرجال على النساء: (ولا يوطئن فرشكم إلا من تأذنون) أي: لا يوطئن تلك الفُرش إلا من أذنتم أن يطأها، بمعنى أنها لا تأذن لأحد أن يدخل بيت زوجها ولو كان قريباً حتى يأذن الزوج.