وهنا مسألة حجز المكان فإن من الأمور التي لا يجوز فعلها في المسجد حجز المكان في المسجد إلا في حالة واحدة وردت السنة بالإذن بها وهي أن يخرج الإنسان إلى قضاء حاجته، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم من مقعده لحاجته ثم عاد إليه فهو أحق به) أما أن يحجز الرجل مكانه فيصلي المغرب ويضع سجادته ويذهب إلى بيته فيأكل ويترفق حتى إذا بقي على الإقامة اليسير يأتي يتخطى رقاب الناس ويؤذي الناس إلى ذلك المكان الذي هو في الصفوف الأول ولا يصل إليه إلا بعد أذية كثير من المصلين فهذا لا يجوز ولا شك أنه ظلم وأذية، إذ لو فتح هذا الباب لكل واحد لما وسع كل رجل إلا أن يضع سجادة ويذهب، فلا يجوز الحجز إلا إذا كان في المسجد وخرج لقضاء الحاجة، أما غير ذلك فبيوت الله لله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن:18] يستوي فيه الفقير والغني والجليل والحقير والرفيع والوضيع كلهم سواء في بيت الله جل جلاله، لا يجوز للمسلم أن يحجز مكاناً ويدعي أن هذا المكان له وأن هذه السارية له بعينها له مكانها وأنه أحق بالجلوس فيها، كل ذلك مما يفوت على الإنسان الأجر وقد يوقعه في الإثم والوزر، نسأل الله السلامة والعافية.
كذلك أوصي أخواتي المسلمات أن يتقين الله عز وجل في قيام الليل فأوصي المرأة المسلمة بما أوصي به الرجال لأنهن شقائق الرجل كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى المرأة المسلمة إذا خرجت لقيام رمضان أن تبتعد عما حرم الله من إبداء الزينة وإبداء المفاتن، وأن لا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وأن تقول قولاً معروفاً، وأن تخرج إلى بيوت الله خائفة من الله ترجو ثواب الله مخلصة لوجه الله تعصم نفسها وغيرها عن الفتن ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وتبتعد عن مزاحمة الرجال وكذلك عن فتنتهم بالطيب والروائح ونحو ذلك، كل ذلك ينبغي على المرأة أن تتحفظ فيه وأن تتقي الله جل وعلا في إخوانها المسلمين، وأن تعلم أنها خرجت ترجو رحمة الله، وأنه لا يجوز أن تفتح على نفسها أو على إخوانها المسلمين أبواب الفتنة سواء كان ذلك بقول منها أو عمل.
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يبارك لنا في شهر شعبان، وأن يبلغنا شهر رمضان، وأن يجعلنا ممن صامه وقامه إيماناً واحتساباً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.