المقدم: أحسن الله إليك، ونفع الحاضرين والمستمعين بما سمعنا، وجعلنا ممن تنفعه هذه الكلمات في دنياه وفي أخراه، فننطلق عاملين بها لا متأثرين تأثراً لحظياً، ولكن تأثراً إلى أن نلقى الله جل وعلا، وهو راضٍ عنا، كما قال الله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99].
نسأل الله أن يصلح ظواهرنا وبواطننا، وأن يجعلنا دائماً وأبداً ممن يخاف ربه، وممن يخشاه، وممن يرجو ثواب الله جل وعلا، فالمؤمن لابد أن يكون بين جناحين: جناح الخوف والرجاء.
الخوف: هو أن يخاف من ربه جل وعلا، ويخاف من عقابه ويخاف من تحول نعمته إلى نقمة.
والرجاء: هو أن يرجو ما عند الله، ويرجو ثواب الله، ويرجو لقاء الله وهو عنه راض، كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارجه: والقلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر: رأسه المحبة وجناحاه الخوف والرجاء، فإذا قطع الرأس مات الطائر وإذا كسر أحد الجناحين فهو عرضة لكل صائد وكاسر.
فلا بد -أحبتي- أن نسير بقلوبنا إلى الله جل وعلا، محبة في الله جل وعلا وخوفاً من الله تبارك وتعالى، ورجاءً فيما عنده، حتى نكون من المؤمنين الموحدين، كما نقل عن مكحول الدمشقي ونقل هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في فتاويه: أنه من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري -من الخوارج - ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبد الله حباً فيه ورجاءً لما عنده وخوفاً من عقابه فهو مؤمن موحد.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم كذلك.
أيها الإخوة الكرام: الخوف المحمود هو: ما حجز عن محارم الله جل وعلا، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله، فقد تنزل منا دمعة وقد نتأثر لحظة أو لحظات، وقد نتأثر في رمضان خلف الإمام وخاصةً لما يدعو، وقد نتأثر من بعض الآيات، وقد نتأثر من بعض الكلمات من الدعاة الصادقين الذين نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً، ولكن لابد أن يستمر العبد مع إخوانه ليزيد إيمانه، ولابد أن يستمر العمل حتى لا يصدق فينا حديث رسول صلى الله عليه وسلم -الذي رواه ابن ماجة وهو حديث حسن من حديث ثوبان: (لأعلمن أناساً من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال كأمثال جبال تهامة بيضاء من الأعمال الصالحة يجعلها الله هباءً منثورا، أما إنهم منكم، يقرءون القرآن كما تقرءون، ولهم حظ من الليل ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها).
نسأل الله أن يصلح ظواهرنا وبواطننا، وأن ينفعنا بما سمعنا، ونترك الآن المجال لفضيلة الشيخ محمد الدويش ليعلق على الآيات التي تليت، أو على ما تبقى منها وفقنا الله وإياكم للاستفادة، ووفق الله الشيخ للحق والسداد.
كلمة الشيخ محمد الدويش: