ضرورة الاعتصام بالكتاب والسنة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

أيها الإخوة الكرام: أيها الأحبة في الله! أحييكم جميعاً بتحية الإسلام مرة أخرى: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ونرحب بالمشايخ الفضلاء ونرحب نيابةً عن الداعية الشيخ خالد بن عبد الله القحطاني بالإخوة جميعاً، ونسأل الله أن يجعل هذا اللقاء لقاء خير، ويسعدنا ويشرفنا أن يكون في معيتنا هذه الليلة إضافةً إلى المشايخ الفضلاء من أهل هذه المنطقة الشيخ محمد الشنقيطي وهو معروف لدى الكثير بل الجميع، وكذلك الشيخ محمد الدويش وفقهما الله إلى كل خير، وهما وأشرطتهما وما كتبا يبينان من هما، نحسبهما على خير ولا نزكي على الله أحدا.

ونسأل الله جل وعلا أن يحشرنا جميعاً في فردوسه الأعلى مع نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

أيها الإخوة الكرام: أعلم أن الجميع في أحر الشوق لسماع كلمةٍ من الشيخين الكريمين، فأترك المجال لهما بعد أن رحبت بهما وبالجميع، وأسأل الله أن يبارك لهما في خطواتهما، ولكن قبل ذلك وخير ما تشغل وتعمر به المجالس كلام الله جل وعلا، فنستمع إلى بعض الآيات والتي نود من الشيخين الكريمين أن يعلقا عليها طلباً واقتراحاً لا إلزاماً وأمراً، فأقول كما قال حبيبنا وسيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم) كما كان يبتدئ بها في كثير من خطب حاجته في عدد من الأحيان، وإن كان ليس من اللازم أن يُبتدأ بها، فإنه قد ثبت كما في البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ كلمته بقوله: (ما من نفس منفوسة) وفي أحاديث أخرى لم يبتدئ بخطبة الحاجة فدل على أنها سنة وليست بالواجب.

وفي كل وقت أقول: كثيراً ما كان عليه الصلاة والسلام ينبه أمته على الاعتصام بكتاب الله وبسنته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، التي فيها النجاة وفيها الفلاح بإذن الله تبارك وتعالى، فلا فلاح ولا نصر ولا سعادة ولا هداية لا في مجال العلم والتعليم، ولا في مجال الوعظ والإرشاد، ولا في مجال الجهاد في سبيل الله، ولا في أي مجال من المجالات الخيرية إلا بالرجوع إلى هذين الأصلين، وإلى الوحيين من كلام الله وكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، وعلى فهم السلف الصالح، ويكفينا في ذلك ما جاء في كتاب الله من الآيات، وسوف نكتفي بواحدة منها، ومما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكتفي بواحد منها، ومما جاء من كلام السلف أيضاً ونكتفي بواحد من كلامهم.

أما ما جاء في كلام الله جل وعلا فهو في قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة:137] أي: لا هداية ولا سعادة في الاعتقاد، ولا في العمل ولا في العلم، ولا في العبادة ولا في الأخلاق ولا في السلوك ولا في المعاملة، ولا في شأن من شئون الحياة إلا بأن نهتدي بمثل ما اهتدى به نبينا صلى الله عليه وسلم.

أما الأحاديث فهو ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام في غير ما حديث بأسانيد يقوي بعضها بعضاً، أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر في أحاديث الفرقة الناجية أنها: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)، فيجب أن نكون على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في العلم والعقيدة والعمل.

وأما قول السلف فهو قول إمام دار الهجرة الإمام مالك فيما نقل عنه: [لن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها].

نسأل الله جل وعلا أن يعيدنا جميعاً إلى كتابه وإلى سنة نبيه؛ لننهل من معينهما، ونتعلم منهما ولنعمل بذلك وندعو إلى الله على بصيرة وحكمة.

وقد أتتني هذه القصاصة أو هذه الورقة من أخي الحبيب، فيها أبيات من الشعر يهديها إلى الضيفين الكريمين وإلى الجميع، فيقول فيها: سلام من صحيح القلب يهدى إلى أغلى الأحبة والصحاب يؤرقني له شوق وذكرى وطول مدى التفرق والغياب وأبعث ما يكن له فؤادي إلى الشنقيطي بين يدي خطابي نقول إلى الشنقيطي وفقه الله وإلى الدويش وإلى الجميع، نسأل الله أن يوفقنا لذلك.

ونستمع الآن إلى آيات من الذكر الحكيم يرتلها علينا الشيخ خالد بن عبد الله القحطاني، ثم نقترح على الشيخين أن يعلقا عليها لننتفع من كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وجزاكم الله خيراً، ومع التلاوة: {قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنْ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمْ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الزمر:53 - 61].

نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ونترك الآن المجال لفضيلة الشيخ: محمد الشنقيطي ليعلق على هذه الآيات، ثم بعد ذلك نثني بالشيخ محمد الدويش.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015