الحمد لله الذي فرض على عباده الصيام، وندبهم إلى التعبد له بالسجود والركوع والقيام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تبارك اسمه ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الهادي والداعي بإذن ربه إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله ومن سار على نهجه واستقام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: أيها الإخوة: حديثنا في هذه الليلة المباركة عن شهر رمضان، وما أدراك ما شهر رمضان! شهر البر والإحسان! شهرٌ أوله رحمة وإحسان، وأوسطه عفو من الله وغفران، وآخره فكاك وعتق من الجحيم والنيران، شهرٌ تمنى النبي صلى الله عليه وسلم لقاءه، إذ قال في دعائه صلوات الله وسلامه عليه: (اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان)، فقبل لقائه هو في حنين إلى لقائه، كيف وهو شهر الجهاد والصبر! شهر الطاعة والشكر! شهر الإنابة والذكر! لذلك فإن المؤمن ما ودَّعه إلا وقلبه يحترق ألماً لفراقه ووداعه، وما انصرف شهر رمضان عن عبد صالح أعطاه حقه وقدره إلا ترك انصرافه في نفسه شجناً وحنيناً وحزناً لا يعلمه إلا الله.
كم دخله بعيد من الله فقربه إليه! كم دخله مسيءٌ فتاب الله عليه فيه! كم دخله محروم فأعطاه الله! شهرٌ وأي شهر! لذلك إخواني فإن المؤمنين في شوق وحنين إلى لقائه، كان الأخيار من سلف هذه الأمة الصالحة البرة المباركة يتمنون لقاء شهر رمضان، ويدعون الله تبارك وتعالى وصوله وبلوغه.
ولي في هذا الشهر ثلاث وصايا، الوصية الأولى: للصائمين، الوصية الثانية: للقائمين، والوصية الثالثة: للمعتكفين.