Q بعض الشباب الذين اهتدوا بسبب مجالستهم للشباب الملتزمين، الآن نلاحظ عليهم بعض الانتكاس، فماذا نفعل؟
صلى الله عليه وسلم هذا الانتكاس له أسباب؛ ذلك أننا نجد كثيراً من الشباب يقولون: كنا في بداية الهداية نحس براحة نفسية، وكنا نحس بإقبال على الخير، وتلهف وشوق إلى رحمة الله، ولكن سرعان ما نفقد ذلك، وسرعان ما تتغير القلوب بعد فترة معينة، فما هو السبب في ذلك؟ يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11] إن كثيراً من الشباب لو نظر في حاله عند بداية الهداية وحاله الآن لوجد البون شاسعاً؛ لقد كنا في بداية الهداية تتفطر قلوبنا شوقاً لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وكنا نحسن الأدب مع العلماء، ونحسن الأدب في الحديث، وكنا نراقب الله في أقوالنا وأفعالنا، ولكن غيرنا فغير الله علينا، نعم.
عندما تغيرت تلك المجالس التي كانت مليئة بذكر الله ومليئة بالتذكير والتواصي بالحق عندما تغيرت إلى القيل والقال، وفي أمور لا يحبها الله ولا يرضاها -من غيبة ونميمة- أدى ذلك إلى تغير الحال؛ فينبغي أن ننظر في حالنا.
إن بعض الشباب إذا أصاب لذة الهداية لربما يغتر إلى درجة أنه يخطئ العلماء، وقد يجترئ على القول على الله بدون علم.
هذه الأمور هي التي أظلمت بها القلوب وتنكبت بها الأقدام في الدروب وحادت عن طريق علام الغيوب؛ لأن الإنسان إذا كان صادقاً مع الله صدق الله معه، فينبغي لنا أن نتواصى بأمر مهم يضيعه كثير من الشباب؛ وهو عدم الغرور.
ينبغي للإنسان -دائماً- أن يكون محتقراً لنفسه ولو كان أكمل الناس هداية، وينبغي أن يحس أنه بحاجة إلى رحمة الله وعفوه.
كما أن بعض الشباب الذي له قدم سابقة في الهداية قد يتعالى على إخوانه المتأخرين في الهداية، وقد يفعل أموراً توجب انتكاس قلبه والعياذ بالله! فالمقصود: أن السبب في تغير الأحوال هو تغير القلوب، فبعد أن كانت خاشعة أصابها نوع من القسوة، وأصبحت في غفلة عن ذكر الله، فبُليت من السقم والمرض بقدر ما أصابها من ذلك، فينبغي للإنسان أن يراجع نفسه ويحاول قدر استطاعته أن يكون هادياً صادقاً في هدايته، وأن يحاول احتقار نفسه، ومهما صدر منك لا تنظر إلى من هو أسفل منك؛ بل انظر إلى من هو فوقك، وسابق غيرك في الطاعات وتنافس معه في الصالحات، فذلك يدعو العبد إلى الثبات على الهداية، والله تعالى أعلم.