Q كيف تكون المحبة في الله، وما فضلها؟
صلى الله عليه وسلم المحبة في الله هي بمعنى أن يكون السبب الباعث على محبتك للإنسان هو أن الله يحبه، وذلك يكون حينما ترى عليه الآثار الموجبة لمحبة الله، فعلى سبيل المثال: ترى عبداً محافظاً على الصلاة؛ فتحبه لمحافظته على الصلاة، وترى إنساناً من طلاب العلم، فتحبه لطلبه للعلم، فالصلاة وطلب العلم يحبهما الله عز وجل، فإذا كان السبب الباعث على المحبة ما يحبه الله ويرضاه، فتلك هي محبة في الله.
أما آثارها: فالتواصي بالحق؛ والله عز وجل قد نفى الخسارة عن أهلها فقال: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1 - 3] فالأخ في الله هو الذي إذا نسيت الله ذكرك، وإذا ذكرت الله أعانك.
إن من سعادة المؤمن أن يهيئ الله له أخاً صالحاً يعينه على طاعة الله.
ومن آثارها وفوائدها: أنها سبب للثبات على طاعة الله، فهذا نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام يحمله الله النبوة التي هي أعز وأكرم شيء يكرم به العبد، ومع ذلك ماذا يقول؟ قال الله تعالى مخبراً عنه: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} [طه:25 - 34] نبي من أنبياء الله يتمنى أن يعطيه الله أخاً صادقاً يعينه على ذكر الله.
إنك تجد من أخيك الصادق خيراً كثيراً حتى في أمور الدنيا؛ كأن يحفظ لك الأسرار، ويحاول أن يكون لك نعم العون بعد الله.
إن أخاك الحق من كان معك ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب الزمان صدعك شتت فيه شمله ليجمعك عندما حضرت عبد الملك بن مروان الوفاة بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: "والله لا أبكي على فراق الدنيا، ولكن أبكي لأني لم أجد في الحياة خِلاً خليلاً، صادقاً صديقاً في مودته ومحبته".
وهذه الأوصاف لا توجد إلا في الإخوان والأحباب في الله.
وأما ثمراتها في الآخرة فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عنه تعالى أنه قال: (وجبت محبتي للمتزاورين فيَّ، والمتحابين فيَّ) وفي الحديث الآخر القدسي عنه تعالى أنه يقول: (أين المتحابون في جلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي) وقال الله في محكم التنزيل: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67] ولله در الشاعر إذ يقول: انظر إذا آخيت من تؤاخي فما كل من آخيت بالمؤاخي نسأل الله العظيم أن يكرمنا وإياكم بذلك.
ومن ثمراتها: أن يُظل العبد في ظل الرحمن، كما في الحديث الصحيح من رواية أبي هريرة رضي الله عنه في حديث السبعة: (ورجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه).