وإذا أراد الله أن يسعد العبد أسعده في أولاده، فرأى قرة العين في الولد عند صلاحه، وهذا إنما يكون بكثرة الدعاء للأولاد في أوقات الإجابة أن يرزقهم الصلاح والاستقامة على الخير والفلاح، قال الله عن عباده الصالحين: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74].
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم قرة العين، وأن يجعل أبناءنا وبناتنا سبب سعادة لنا في الدنيا والآخرة، فإن الولد من أعظم أسباب السعادة، فإذا أردت أن ترى السعادة في الولد فانظر إلى الولد الصالح، فإنك إن نسيت الله ذكرك! وإن ذكرت الله أعانك! وإذا كنت على طاعةٍ ثبتك.
والولد الصالح أمنية الأخيار والصالحين، لذلك قال الله عن نبيه لما سأله: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:38] ولا تطيب الذرية إلا بالصلاح والاستقامة على الخير والفلاح، ولكن من الآن ابدأ في تربيته بدعوته للخير؛ لأنك إن أقمته على طاعة الله من صغره أقر الله عينك في كبره، من تعب الآن بأمر أولاده بالصلاة وتحبيبهم إلى طاعة الله والتقوى والزكاة أقر الله عينه في الكبر، فمن أخلص لله في الصغر مع أبنائه أقر الله عينه عنه في كبره، ومن تساهل معهم وفرقهم فإنه قد ضيع حق الله فيضيعه في ولده، ووالله لن ترى والداً ووالدةً أهملا أولادهما بعد أمرهم بطاعة الله وحثهم على مرضاته سبحانه وتعالى إلا جاء اليوم الذي يبكي فيه كل واحدٍ منهما بكاءً شديداً، ولذلك قلّ أن تجد والدين فرطا أو ضيعا إلا وجدت الأولاد يعقون عند الكبر، نسأل الله السلامة والعافية.
فمن أسباب السعادة في الأولاد تربيتهم على الصلاة والطاعة والخير والبر، يقول بعض العلماء: إن الولد إذا تعوّد من الصغر على الأمر والحث على الصلاة، وفي كل يوم خمس مرات وأنت تقف على رأسه وتتابعه في صلاته وعبادته، أصبح عنده شعور لا يزول إلى الأبد بالذل لك، والسمع والطاعة، والامتثال بأمرك، ولذلك قلّ أن تجد ذريةً يحاسب والداها على الأمر بالخير إلا وجدتهم عند الكبر مطيعين محبين ممتثلين يهابون الوالدين؛ لأن الله لا يجزي بالإحسان إلا الإحسان، ومن وفّى لله في نعمة الولد وفّى الله له، وأقر عينه عاجلاً وآجلاً.