وحطت الرحال ففريق في جنة الله الكبير المتعال، في دار الخلد والإجلال، وفريق في دار الخزي والندامة والعذاب والملامة، ووجد المؤمن ما قدم من الإحسان في درجات الجنان في جوار الرحمن مع الخيرات الحسان، وهناك يجد الكافر ما عمل من العصيان، في سموم النيران في جوار الشيطان مع الذل والهوان، ووجد المؤمن النعيم والخلود، ووجد الفاجر عذاباً غير مردود.
فهل يستوي الفريقان؟ كلا -والله- لا يستويان.
{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة:18 - 21].
أخي: تذكر أن لك موعداً مع الموت وسكرته، والقبر وضمته، ويوم القيامة وكربته، والحساب وشدته، ثم إلى جنة أو إلى نار.
ليس الغريب غريب الشام واليمن إن الغريب غريب اللحد والكفن إن الغريب له حق لغربته على المقيمين في الأوطان والسكن لا تنهرن غريباً حال غربته الدهر ينهره بالذل والمحن سفري بعيد وزادي لن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبني ولي بقايا ذنوب لست أعلمها الله يعلمها في السر والعلن ما أحلم الله عني حيث أمهلني وقد تماديت في ذنبي ويسترني تمر ساعات أيامي بلا ندم ولا بكاء ولا خوف ولا حزن أنا الذي أغلق الأبواب مجتهداً على المعاصي وعين الله تنظرني يا زلة كتبت في غفلة ذهبت يا حسرة بقيت في القلب تحرقني دعني أنوح على نفسي وأندبها وأقطع الدهر بالتفكير والحزن دع عنك عذلي يا من كان يعذلني لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني دعني أسح دموعاً لا انقطاع لها فهل عسى عبرة منها تخلصني كأنني بين كل الأهل منطرحاً على الفراش وأيديهم تقلبني وقد تجمع حولي من ينوح ومن يبكي علي وينعاني ويندبني وقد أتوا بطبيب كي يعالجني ولم أر الطب هذا اليوم ينفعني واشتد نزعي وصار الموت يجذبها من كل عرق بلا رفق ولا هون واستخرج الروح مني في تغرغرها وصار ريقي مريراً حين غرغرني