ومن الأمور التي كان يتحلى بها عليه الصلاة والسلام: التواضع، فلا يرى الداعية نفسه أنه فوق الناس، وإنما يتواضع لهم، يتواضع للصغير والكبير والجليل والحقير، والناس عنده في كفةٍ واحدة، من حيث التواضع وتوطئة الكنف، وقد ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً، الذين يَألفون ويؤلفون).
ما أجمل الدعوة إذا جمل الله الداعية بالأخلاق والتواضع والحلم وتوطئة الكنف! إن كريم الأصل كالغصن؛ كلما ازداد من خيرٍ تواضع وانحنى.
كان صلى الله عليه وسلم يقف لصغار المسلمين وكبارهم وشبابهم، لن يستطيع الداعية أن يكون موفقاً في دعوته إلا إذا حرص على أخلاق الإسلام وآداب النبي صلى الله عليه وسلم التي كانت مع الصحب الكرام.
وإذا وفق الله الداعية لهذه الأخلاق والآداب أحبه الناس، فإذا كانت أخلاق الداعية وآدابه وشمائله وتصرفاته تدل على حبه للناس وتوطئته للكنف أحبه الناس.
إنما يتواضع الداعية ويكون قريباً من الناس؛ لأن حوائجهم عنده، فالضال ينتظر منه الهداية بإذن الله عز وجل، والمهموم والمغموم ينتظر منه الكلمة التي تبدد -بإذن الله- الهم والغم، والحائر والتائه ينتظر منه التوجيه والإرشاد حتى تذهب الحيرة ويذهب التيه، فإذا به يلتزم بدين الله عز وجل.
فإذا جاء هذا الحائر أو التائه إلى الداعية ووقف أمامه، فرأى من آدابه وشمائله وتواضعه وحبه الخير للناس ما يشجعه على الاقتراب اقترب ودنا وأنصت وأحب، وتمنى أنه معه وعلى سبيله ونهجه الذي يسير فيه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.