Q إن بعض بيوت المسلمين تئن من وجود الخادمات بلا محارم، مما يؤثر على تلقي الأبناء أوامر الشرع، ناهيك عن الذي يكون في حالات عديدة من الخلوة، بل الوقوع في الحرام -والعياذ بالله-! فما توجيهكم أثابكم الله؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: ينبغي أن يعلم الأب وتعلم الأم أن أول مَن يُسأل عن الولد هما، وليس الخادمة ولا غيرها.
فينبغي على الأب والأم إذا استشعرا المسئولية أن يسعيا في فكاك أنفسهما من النار؛ فإن الله عز وجل جعل الحنان بين الابن وأمه، ولا يمكن تعويض هذا الحنان بخادمٍ ولا خادمة، ولذلك لا ينبغي استقدام الخادمات والخدم إلا عند وجود الضرورة وبضوابط شرعية، ولا يجوز للمرأة أن تترك أمر جنينها وأولادها إلى الخادمات، وإلى الأيدي الغريبة، أما إذا كن كافرات فلا أشك في حرمة ذلك؛ فالمرأة الكافرة لا يجوز أن يُوْدَع عندها الصبي المسلم؛ فإنه لا يختلف اثنان أنها ستفسده، وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه أو يُمجِّسانه أو يُنصِّرانه)، قال بعض العلماء: يتأثر الابن بوالديه بمكان المداخلة، وهذه المداخلة ستحل فيها الخادمة محل الأم، ويحل الخادم فيها محل الأب.
فلا يجوز ترك الأبناء والبنات بأيدي الكافرين والكافرات، فإن ذلك من أعظم الشرور وأعظم الآثام، فلا يحل بِوَجْهٍ تَرْكُهُم لدى أمثال هؤلاء، وإذا تَرَك صبيَّه أو صبيتَه عند أمثال هؤلاء، فاجتالهم هؤلاء عن طاعة الله وعن توحيده، فإنه يحمل وزر ذلك القلب بين يدي الله جل جلاله.
فينبغي أن يستشعر الإنسان مسئوليته بين يدي الله، ولا يجوز ترك الأبناء والبنات للخدم والخادمات الكافرات.
هذه المسألة الأولى.
المسألة الثانية: إذا وجدت الضرورة والحاجة، فينبغي على الأم أن تربي وتنشئ، ثم تنظر في هذه الخادمة، فمتى ما وجدت أنها تعين على التربية والتنشئة على طاعة الله جاز إبقاؤها، وأما إذا كانت سبباً في الوصول إلى حدود الله ومحارمه؛ فإنه لا يحل إبقاؤها، ومن ذلك لو أن الخادمة هذه كانت في بيتٍ فيه البالغون، أو فيه من يُخشى منه الوقوع في المحرمات، أو النظر إلى هذه الخادمة، والوقوع فيما لا تحمد عقباه، فإنه يجب على الأب والأم أن يضَعا كل الأسباب التي تمنع وتحول دون الوقوع في هذا الحرام، فإن حصل أي تقصيرٍ أو إهمال أو تساهل؛ فإنه يكون عليهما من الوزر والإثم على قدر ما يكون من الآثام من الأبناء والعياذ بالله.
فينبغي المحافظة على أبناء المسلمين وعلى بناتهم.
إن التساهل في أمر الخدم والخادمات مصيبة عظيمة، ووزر كبير، فكم من أبناء كانوا على عفة وحياء وخجل فذهب الحياء من وجوههم بسبب التساهل في هذه الأمور! فليتق الله الوالد، ولتتق الله الوالدة يوم تناشِد بَعلها أن يُدخل الغريبة على أبنائها وبناتها.
فاصبري واحتسبي واعلمي أن الله يأجركِ على تربية الأبناء والبنات، وإذا كان ولا بد من وجود أمثال الخادمين والخادمات؛ فليكن ذلك مع المحافظة على حدود الله جل وعلا، فلا خير في الدنيا إذا أَفْسَدَت الدين.
والله تعالى أعلم.