التحلي بالصبر والتحمل

كذلك مما يوصى به المعلم: الصبر والتحمل؛ لأن العلم فيه تعب، وفيه جهد عظيم، وقد يكون المعلم أو المعلمة يخرج من المدينة إلى السفر وهذا يحمل مشقة كبيرة فيحتاج إلى أن يحتسب ولا ينسى فضل الشيء الذي يحمله.

إن أهل الباطل يسافرون إلى الأدغال حيث المهلكة والهلاك الذي يغلب على الظن أن صاحبه يفضي إليه، ومع ذلك يضحون، وتجد الرجل يتبع النصرانية فلا يبالي أن يذهب إلى أدغال أفريقيا في شدة الحر أو البرد، وبين الجاهلين منهم وقد يتعرض للقتل والموت وهو لا يبالي، كل ذلك كما زعم من أجل الصليب، ومن أجل تعظيم دينه وهو على الباطل، فوا عجباً من صبرهم على الباطل وعدم صبرنا على الحق! ينبغي أن تصبر وتصابر وتحتسب وتجد وتجتهد وتكون عندك همة عالية، ولا شك أن شرف كل معلم كلما كان تعليمه بعيداً ونائياً في القرى النائية، والمناطق النائية التي هي بحاجة إلى المعلمين أن يصبر ويحتسب، خاصة إذا كان من الشباب الأخيار والقدوة عليه أن يصبر ويحتسب ويكون في جده وقيامه بمسئولية التعليم على أتم الوجوه وأكملها، ونحن والله لا نقولها مجاملة، نحن في نعمة عظيمة ومنة جليلة كريمة خاصة في هذا العلم الذي بلغ الجبال والأودية السحيقة، تجد فيها من يعلم، وتجد فيها من المدارس ودور التعليم، فنسأل الله بعزته وجلاله -ونقولها من قلوبنا- أن يوفق ولاة أمورنا وأن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، والله لو علمنا ما وراء الجهل من مصائب ومتاعب وكوارث لا يعلمها إلا الله، لعلمنا مقدار هذه النعمة التي نعيشها، فكونها تجند هذه النعم من أجل أبناء المسلمين وبناتهم فهذه نعمة عظيمة، ولقد مرت قرون قد تجد الرجل عمره أربعين سنة وهو لا يعرف كيف يتوضأ أو يغتسل من الجنابة، والمرأة تعمر وتبلغ الخمسين وما علمت كيفية غسل الجنابة إلا قبل موتها بالسنة أو السنتين، فالعلم نعمة -يا أخوان- ومنة جليلة كريمة، فإذا أحسن بك الظن، ونيطت بك الأمانة في بلدٍ بعيد أو قرية نائية لا تسخر ولا تجهل، ينبغي التعاون والتظافر والصبر والاحتساب، وإذا ضحت الأمة وضحى أفرادها سمت إلى المجد والعلياء، إذا حسنت الظنون وصار الرجل ينتظر الأجر من الله عز وجل ثبته الله ووفقه، فلا تنتظر من أحدٍ أن يثيبك أو يكافئك إلا الله جل جلاله، فعلى هذا ينبغي أن يصبر ويحتسب المعلم ما أمكن، وهكذا المعلمة تصبر وتحتسب في تعليم أبناء المسلمين وبناتهم، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل الأعمال خالصة لوجهه الكريم ووجلة لرضوانه العظيم، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015