على طالب العلم أن ينتبه لحقوق إخوانه من طلاب العلم، فإن العلم رحمٌ بين أهله، فعلى طلاب العلم أن ينتشر بينهم الحب والود وأخلاق الإسلام، فإنه إذا كان طلاب العلم قريبين من هذا الهدي الذي أدب الله عليه المؤمنين وجدت الرحمة بينهم، ووجدتهم متعاونين متعاطفين متآلفين متكاتفين، فإذا وجدتهم كذلك حمدت الله سبحانه، ولا يزال الإسلام بخير ما تراحم طلاب العلم، أما إذا انتشر بينهم الحسد والبغضاء، والعداوة والشحناء تفرقوا وتشتتوا وشغلوا عن طلب العلم، إياك أن تطعن في العلماء، وتشتت عنهم طلاب العلم، فبعض طلاب العلم يقدح في شيخ غيره، وبعضهم يريد أن طلاب العلم عند شيخه، وعند العالم الذي يتعلم على يده لا وألف لا، ويأبى الله ويأبى رسوله صلى الله عليه وسلم أن تشتت شمل إخوانك، وأن تطعن في علمائك بدون وجه حق، إن كنت تتعلم العلم على عالم وضع الله له الخير والبركة، ووضع الخير والبركة في غيره من العلماء فكلٌ له حقٌ عليك، فاحفظ حقوق العلماء، وإياك أن تصرف همة طلاب العلم الذين أحبهم مشايخهم وعلماؤهم إلى شيخك فقط، هذا من الغلو الذي لا يأذن الله به، ولا يأذن به رسوله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو) فلا تغلُ في شيخك ولا تبالغ في تعظيمه، بحيث تحتسب أن الأمة مفتقرة لعلمه وحده دون غيره، فإن الله سبحانه وضع فضله حيث شاء، فاعترف لأهل العلم بفضلهم، وعلو مكانتهم، عندما كان طلاب العلم يثنون على العلماء، ويمجدونهم ويوقرونهم كان الناس بخير، ولكن لما أصبح طلاب العلم يتكلم بعضهم في مشايخ البعض، ذهبت هيبة العلماء، وأصبحت عورات العلماء مكشوفة، فكل من يتحدث عن عالم يذكره بعورة، ولم يذكر عالم إلا وذكرت له لمزة أو زلة وإنا لله وإنا إليه راجعون، والله لا خير في الأمة إذا أصبحت تكشف عورات علمائها، ولا تتقي الله عز وجل في علمائها، ولا تحفظ لهم كرامة، ولا ترعى فيهم إلاً ولا ذمة، على الإنسان إن يتقي الله، وأن يعلم أن أهل العلم حملة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لهم علينا حقوق عظيمة.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يسلمنا ويسلم منا، وأن يرزقنا الإخلاص، ويتقبل منا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.