النقطة السابعة: الانحرافات العقدية: فهناك كلام متناقض، بل هو كلام كفري تجده في كثير من هذه الصحف، ومن ذلك مثلاً: الكلام عن أبي الهول، وأنه الإله الطيب سيد المبجلين ملك مصر العليا والسفلى ومنحوتب الثاني حبيب الإله، وحورام واهب الحياة، وهذه الكلمات منشورة في مثل هذه الصحف والمجلات.
وكذلك هناك ترويج لهذه الأشياء باسم التعريف؛ فمجلة (كل الناس) ليس فيها شيء من الثقافة إلا أنها تعرف بكتاب واحد، فاختارت كتاب (الفتوحات المكية) لـ ابن عربي، وهو كتاب كله كفريات، وفيه القول بوحدة الوجود والحلول والاتحاد، وقد كفره به كثير من العلماء، بل أكثر العلماء، فعرضت المجلة هذا الكتاب على أنه من التراث.
وأيضاً قضايا الأبراج وادعاء الحظوظ، وتكتب لبعض المجلات سطوراً فتعرف لك حظك من خطك، اكتب لهم ثلاثة أو أربعة أسطر، وينشرون لك من خلال خطك أنك كذا، ويقع لك كذا، وتحصل لك مشكلات كذا، وأنت شخصيتك كذا، ونفسيتك كذا، وبعضها ترسل لها صورتك، فتقول لك: من العينين أنت إنسان متفائل، ومن وجهك أنت إنسان عندك ضيق في النظر، وما إلى ذلك، وكلها تنبؤات لمثل هذا الأمر.
وفيها كذلك الترويج للقضايا الانحرافية في قضايا الموالد والأضرحة ونحوها؛ ففي بعض المجلات التي اطلعت عليها كان كثير منها عن رمضان، فماذا يكتبون عن رمضان؟ يكتبون عن ذكريات الحفلات التي تقام في المساجد أو عند الأضرحة وعند الصالحين وما يلحق بذلك، ويجعلون قضايا الدين تدور في هذا الفلك بالتركيز على مثل هذه القضايا، وتجد بعض العبارات تقول: فلنتكل على الله وعلى ذاكرتنا؛ لنتذكر ثلاث نعم أنعم الله بها على البلاد العربية، وهي: مغنية واثنان من الملحنين! تجد أيضاً بعض القضايا التي فيها طعن عقدي في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا مقال يقول: أبو هريرة يروي أحاديث تنافي الذوق السليم مثل حديث الذبابة! ويجعل عادل إمام شبيهاً بـ أبي ذر؛ يموت وحيداً، ويعيش وحيداً، ويبعث يوم القيامة وحده! هذا مقال بهذا النص في مثل هذه المجلات.
وأيضاً تجد هناك مقالاً هو كفر صريح إن اعتقده صاحبه، يقول فيه: الدين واللغة والتقاليد ثلاثة أمراض اجتماعية -يعني: ينبغي أن نتخلص منها-، لقد خلق الله الإنسان وسكن فيه! وهذا جاء في ضمن مقال في روز اليوسف إلى آخر ذلك الكلام الذي فيه من الكفر ما هو خطير جداً، وهذا كله مقصود.
وقد تكون هناك ألفاظ ليست صريحة في الكفر، لكن في ثنايا الكلام نوع من الإلحادية اللادينية، وإخراج عظمة الدين وعظمة الله سبحانه وتعالى من قلوب الناس، والتركيز على مثل هذه الجوانب الخطيرة والمنحرفة.
وهكذا فيما يتعلق بالعقيدة والدين تجد كلمات كثيرة مدسوسة في ثنايا الكلام، وهي على هذه الصورة، وكما أشرت الأمثلة كثيرة، وسأذكر أيضاً أمثلة صارخة في بعض القضايا، ونختم بنقاط مهمة نحتاج إليها في هذا الموضوع.
أذكر نصاً لعله يعبر بقوة عما هو مضمون في كثير مما ذكرنا: تقول إحدى الراقصات في مقابلة: في حياتنا اهتمامات لا داعي لها، ويمكن أن نلغيها، كمعامل الأبحاث الذرية مثلاً؛ لأننا لن نستفيد شيئاً، لكن سوف نستفيد لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي؛ تتخرج منه راقصة مثقفة متألقة لجذب السياح، فلا نحتاج إلى مصانع الأسلحة والمفاعل النووية، وإنما نبني مدارس ومعاهد للرقص وكذا؛ حتى نجذب السياح، ونفتح العالم، ونتقدم على الأمم! هذه هي الصورة التي يمكن أن نلخصها في هذه المقولة، وهي واضحة جداً وصارخة؛ لأنها أتت بالمتقابلات في وجه واحد.
وآخر يقول: الفضيلة والكرامة تعترضان مسيرة النجاح! وجملة القول: أن ما استعرضنا هو عبارة عن غيض من فيض، وأن البلاء حاصل في صور أخرى، منها: الصور الفاسدة والفاتنة المنشورة في مثل هذه المجلات، وكذلك الصورة العملية للفساد، بمعنى: أن القضية ليست فقط مجرد نشر مقال، بل إقبال وتكميل لبعض القضايا، ومن ذلك أبواب للزواج تكتب المرأة: أنا في عمر كذا، ولون الشعر كذا، وتخرجت من كذا! وتطلب زوجاً، وبالمقابل الرجال يكتبون، وتأتي المجلة وتنشر، فمثلاً: في العدد الذي اطلعت فيه، فيه ثلاث صفحات مكتوب: بالنسبة للمرأة كذا التي جنسيتها كذا كل الطلبات التي وردت إلينا في الزواج منها أحيلت إلينا وهي الآن في مرحلة الاختيار! بمعنى أن القضية ليست فقط كلاماً مكتوباً، وإنما تعليم عملي، وتطبيق لمثل هذه القضايا الخطيرة من خلال هذه المجلات.