النقطة الثانية: ما هي الجوانب التي تجعل هؤلاء يتخوفون أو يعلنون الرعب والخوف من هذا الإسلام ومن هؤلاء المسلمين؟ إن المتأمل في هذا الطرح يجد أن هناك ثلاثة أمور هي موضع الجدل والنقاش، وهي موضع التخوف الأكبر، وهذه الأمور الثلاثة هي من صميم هذا الدين، ولكنها كانت في أوائل هذا القرن غائبة أو ضعيفة الصوت، ولما بدأ صوتها يظهر وصورتها تتضح كان التركيز عليها أكثر، وهذه النقاط الثلاث هي: تطبيق الشريعة الإسلامية، وصلة الإسلام بالواقع والعمل السياسي، ومبدأ الجهاد في الإسلام.
ولا ترى أحداً من هؤلاء إلا وهو يتطرق إلى هذه الجوانب الثلاثة إما كلها وإما بعضها على وجه الانفراد، أما ما عدا ذلك من الدوائر الأخرى فإنها لا تثار كدائرة العبادات المحضة، بمعنى: العبادات التي يراد أن تكون منفصلة عن واقع حياة الناس، أو جانب الأخلاقيات التي يرى أيضاً بأنها عبارة عن نوع من التعامل الحضاري ونوع من العلاقات الإنسانية، وكذلك الجانب الثالث الذي يسلم بعض هؤلاء به وهو: جانب حكم الشريعة فيما يسمى بالأحوال الشخصية كالطلاق والزواج، فمثل هذه لا تثار؛ بل تستخدم لتكون هي صورة الإسلام وحقيقته الكاملة، وأما ما وراء ذلك من هذه الأمور الثلاثة التي أشرت إليها في ناحية تطبيق الشريعة أو التعامل الإسلامي مع السياسة أو مبدأ الجهاد الإسلامي؛ فإن هذه الثلاثة يراد لها أن تكون بعيدة عن الواقع في حياة المسلمين.
ولذلك نقف عند كل جانب من هذه الجوانب وقفات متأنية ومختصرة، ولكنها -إن شاء الله- مركزة ونافعة.