قد ينجح الناس، ولكن هناك مراتب: منهم المقبول الذي كان على شفا جرف هار، ولكن الله ستر عليه فأنجاه، ومنهم من يأخذ جيد، وجيد جداً، وممتاز، ومرتبة شرف، وكذلك الأمر في الآخرة، فإن النجاة على مراتب، لكن لننظر إلى صاحب أدنى مرتبة، أقل واحد هذا الذي يأخذ المقبول، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلم عن آخر رجل يدخل الجنة، ما قصته؟ يعذب في النار بقدر ذنوبه ومعاصيه، فيقول: يا رب أخرجني من النار، فيخرج من النار، ثم يبقى خارج النار، فينظر للجنة فإذا بها بعيدة، فيقول: يا رب قربني من باب الجنة، فإذا قال: لا تسألني شيئاً بعدها، يقول: لا أسألك يا رب شيئاً بعدها، فإذا قربه من الجنة كما في الحديث: يأتيه من طيبها ومن وريحها، فيقول: يا رب أدخل الباب، فيدخله الله سبحانه وتعالى الجنة، ويعطيه من نعيمها سبحانه وتعالى، فيقول الله سبحانه وتعالى: هل ترى ما حولك؟ قال: نعم، قال: أيسرك أن يكون لك مثل هذا، فيقول في الحديث: (أتهزأ بي وأنت الملك، فيضحك الله سبحانه وتعالى، ويقول: فإن لك مثله وعشرة أمثاله).
وهذا الذي أريه هو كملك الدنيا، يعني أقل واحد يأخذ مثل الدنيا وعشرة أمثالها كما ورد في هذا الحديث الصحيح.
هذا آخر أهل الدنيا دخولاً الجنة، فما ظننا بما هو أعلى منه؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى، فمنه تفجر الأنهار، ويظلله عرش الرحمن) سبحانه وتعالى، هذا أقل درجة، فلك أن تتصور شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وقد أوجز الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر).
وأما هذه المراتب فيقول عنها صلى الله عليه وسلم: (ما بين الدرجة والدرجة مسيرة خمسمائة عام)، وفي بعض الروايات عن أقل ما بين درجة ودرجة: (كالكوكب الغابر في السماء)، الكوكب الغابر لا ترى منه إلا نقطة، يعني أبعد ما بين السماء والأرض، هذه المسافة ما بين مراتب الجنة وتفاوت الدرجات فيها.
هكذا ينبغي أن ننتبه إلى هذه الفروق.