بعد الاختبارات تظهر النتيجة ويفرح بها الطالب، لكنه ينتظر الشهادة التي قد يبرزها أو يظهرها أو يدفعها، وشهادات يوم القيامة ليس لك فيها اختيار، تتطاير الصحف، فيؤتى كل أحد كتابه بحسب عمله، فمن كان خيراً أخذ كتابه بيمينه، وأما صاحب العمل السيئ، فقد ورد في بعض الآثار أنه يريد أن يأخذ كتابه بيمينه فلا يستطيع، وتلتصق يده الشمال بوراء ظهره فيأخذ كتابه ويده الشمال ملتصقة وراء ظهره، لا يملك في ذلك اختياراً، ولا يملك في ذلك أن يدعها أو أن يتركها.
الآن الشهادة إذا كانت غير مناسبة قد يتركها، أما تسليم الشهادات يوم القيامة فكما قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:19]، يفرح بها ويرفعها، هذه هي الشهادة، {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ} [الحاقة:25 - 27]، هكذا يقول بعض الناس في اختبار الدنيا، أي كأنه يقول: يا ليتني لم أختبر، يا ليتها كانت القاضية، ليتني لم أدخل المدرسة ولم أدخل التعليم نهائياً، كأنه اغتم لذلك، والغم الأكبر إنما يكون في ذلك الحدث الأعظم في هذا الباب.
وكذلك نجد الناس إذا أخذوا الشهادات على هذا النسق وعلى هذا النحو يعتنون بإظهارها وبإشهارها، ويوم القيامة من كانت شهادته حسنة فإنه يظهرها ويشهرها ويرفعها، أما من كان غير ذلك فهناك حضور في تسليم الشهادات، يحضر مدير المدرسة والمدرسون للتكريم، والآخر الذي لا يكرم ينكس رأسه ولا يحضر أصلاً، وهناك الحضور أعظم: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:22]، الملائكة حضور، والرب سبحانه وتعالى يتجلى على الناس بعظمته، فهو مشهد خطير تنخلع له القلوب، ويكون الخزي -والعياذ بالله- هو الخزي الأعظم الأكبر حينما لا يفلح الإنسان، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الفائزين الناجحين.