وأعظم من هذه الغنائم وأكبر أيضاً ما نعنون له بـ (الغنيمة السابعة) وهي غنيمة عظيمة، وهذه الغنيمة تشتمل على أمر من أعظم مقاصد العبد في هذه الحياة، فعند البخاري ومسلم حديث لا يتجاوز الكلمات الخمس، لكنه يشتمل على أعظم شيء في هذه الحياة مما يتعلق به العبد المؤمن وينشغل به فكره ويبذل فيه جهده وينفق فيه ماله، وهو دخول الجنة، يقول عليه الصلاة والسلام (من صلى البردين دخل الجنة)، وهذا كلام واضح، وعبارة موجزة، وشرط وجواب شرط، وقطع وجزم من النبي عليه الصلاة والسلام، فلا تردد ولا شك: (من صلى البردين) فالنتيجة: (دخل الجنة)، ولم يقل: يدخل الجنة.
وإنما (دخل) بصيغة الماضي لتحقيق هذا الوعد وتأكيده والقطع والجزم به بلا أدنى شك ولا تردد.
والبردان -كما ذكر أهل العلم والمحدثون- هما: صلاة الفجر وصلاة العصر.
لوقوعهما وقت برد الهواء وطيبه، عندما تكون في نومك تهب عليك نسائم الفجر، وأنت قد نمت بعد تعب وعناء واجتهاد أو عمل، وتأتيك هذه النسائم، وتسمع ذلك النداء: (الصلاة خير من النوم)، فإذا تركت هذا الهواء العليل وهذا البرد الجميل وتلك الراحة اللذيذة والنومة العزيزة، وقمت لله عز وجل لتصلي الفجر فإن الثواب مقطوع به ووعد من النبي عليه الصلاة والسلام: (دخل الجنة).
وحث عليهما لأنهما وقت اجتماع الحفظة، ولأن الصبح وقت التثاقل والكسل من النوم، والعصر وقت انهماك الناس.