الغنيمة السادسة: الحصانة الإلهية، وهذه أيضاً تابعة للتي قبلها، وكم يحتاج الإنسان إلى أن يحصن نفسه! فإذا كانت هذه الحصانة من الله، وإذا كان هذا الحفظ من الله فانظر -رعاك الله- كيف يكون من صلى الفجر في جماعة في سلامة وأمن وطمأنينة لا يمكن أن يحوزها أي إنسان! لأن أي إنسان سيعتمد في هذا الحفظ أو في هذه الحصانة على جهود بشرية أو على قوىً أرضية، وأنت معتمد على رب الأرباب سبحانه وتعالى، كما في حديث جندب بن سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم لا يطلبنك الله في ذمته بشيء) أي: هو في حفظ الله ما دام على طاعة الله.
ولهذا جاء تنبيه النبي عليه الصلاة والسلام على أن لا يطلبك الله عز وجل في ذمته بشيء، فإذا كنت الآن في حماية إنسان يحميك ويسترك ويدافع عنك، ثم في أثناء هذه الحماية تتكلم عليه أو تسيء إليه، أو يكون قد طلب منك أمراً فلم تستجب له فلا شك أنك حينئذٍ تخسر ذمته، وقد يرفع عنك حصانته، ويقطع عنك حمايته، فأنت في حماية الله وفي حفظ الله قد أخذت هذا العهد وهذه الذمة من الله منذ أول يومك عندما ينشق الفجر ويبزغ أول بصيص للنور وأنت قائم بالصلاة ساجد لله عز وجل، فإذا كنت في ذمة الله فاحفظ هذه الذمة بالطاعة لتكون في حفظ الله وذمته سائر يومك، وما أعظم هذه الغنيمة! فإنها غنيمة من الغنائم الكبرى.