فهذه الصورة لم تجعل العلم في مقام التوقير الذي لقننا إياه منهج الإسلام: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11]، (وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب)، أين معنى هذا العلم؟ أين غرسه؟ أين تعظيم ما هو معظم من كلام الله جل وعلا وآياته وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أين نحن من إعجاز العلم وكتبه ومناهجه؟ أين هذه المنهجية التي ينبغي أن تكون غرست؟ وهنا يجب أن ننتبه إلى هذا الخطر، وندرك تماماً أننا جميعاً مسئولون عن ذلك التفريط العام؛ سواء في الأداء التعليمي أو في الرسالة الإعلامية التي تبث ما يحط من قدر العلم والعناية به، إنها لا تمجد ولا تشيد بأحد من الطلبة المتفوقين ولا المتميزين ولا المتخرجين، وإنما تشجع المغنين والمغنيات والرياضيين والرياضيات، حتى أصبح حجم هذا البث يكفي أمة العرب وعشر أمم من أمثالها من ضخامته وزخمه، فمن أين لطالب أن يعنى بالعلم وأن يلتفت إليه في ظل هذه الأجواء الإعلامية التي يغلب على كثير منها الجوانب السلبية تجاه العلم والتعليم؟ وكذلكم ما قد نشهده هنا وهناك من تصرفات بيئية أسرية في داخل البيوت، فإن الأب كما أشرنا من قبل يعتني كثيراً في تعليم أبنائه اللغة الإنجليزية، ويحضر لهم المدرسين، وقد يفرغهم في فترة الصيف لدراسة طويلة داخل البلاد أو خارجها، لكنه لا يسأل مطلقاً ولا يلتفت أبداً إلى حال أبنائه في تعلمهم لكتاب الله أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لأحكام الفقه أو لتربية الأخلاق، أو لغير ذلك من الأمور، ويراها ثانوية! فحينئذ تُعظَّم تلك وتضعف هذه في نفوس الأبناء تلقائياً.