أيها الإخوة المؤمنون: "الصيف بين الإهدار والاستثمار"! وقد أوشكت أيام الدراسة على النهاية ليحل موسم الإجازة أو العطلة كما يطلق عليها، والتي تمتد وقتاً طويلاً ليس أياماً ولا أسابيع، وتنتظم أعداداً كبيرة من الطلاب والطالبات على وجه الخصوص، والأسر من الآباء والأمهات على وجه العموم، إذ كثيراً ما تكون إجازات الأعمال متوافقة مع إجازات الدراسة.
فهذا الوقت الطويل الممتد، فيم يستغل؟ وهذه هي الطاقات والإمكانات كيف توظف؟ ثمة صور متناقضة أو متعارضة، ولعلي أبدأ بصورة ربما رأيناها وسنراها في الأيام القادمة، وهي صورة محزنة مؤلمة، شدد عليّ بعض الإخوة في ذكرها، وأهمية التنبيه عليها، وهي صورة لا تبشر بخير، وهي ظاهرة قذف الطلاب لكتبهم وتمزيقهم لمناهجهم، وشعورهم بأنها قيد يتخلصون منه، أو عبء يلقونه عن كواهلهم، ونرى -وللأسف- الكتب على أرصفة الطرقات، بل نراها في بعض الأحيان وهي في حاويات النفايات بما فيها من الآيات والأحاديث والعلوم المختلفة المتنوعة! ومناهجنا بحمد الله عز وجل لا تخلو من ذلك في شتى نواحي العلم.
هل هذه صورة تبين لنا أن هؤلاء الطلاب سيستقبلون الصيف بقراءة نافعة، وثقافة واسعة، ونشاطات متنوعة؟! ولماذا يحصل مثل هذا؟ وهنا نؤكد على أمر مهم، فالقضية في مثل هذا ليست ناشئة عن أوضاع دراسية أو تعليمية أو عن نظم يمكن أن تفرض، بل هي التنشئة الإيمانية والتربية الإسلامية والتهيئة الأخلاقية، والتثقيف الفكري والإعداد النفسي الذي فقده بعض طلابنا في بيوتهم وأسرهم، ومن أساتذتهم وفي معاهدهم، فخرجت الصورة النهائية لتعبر لنا عن خطوات قبلها: عن خلل في تفسيرهم ونظرتهم لهذا العلم، وشرفه وفضله وأجره وثوابه، وكذلك أثره الذي يعود عليهم وعلى مجتمعهم وأمتهم بالنفع والفائدة.