الأثر الرابع: أن هذا لا يفسد الذوق العام فحسب، بل إن انعدام الحياء يفسد الحياة كلها: وذكر ابن القيم أن الحياء مشتق من الحياة، وكما قال الله سبحانه وتعالى: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة:49] أي يتركونهن فلا يقتلونهن، فالاستحياء: هو الإبقاء والترك وعدم القتل، وإذاً: فمعنى الحياء هو ترك المعاصي، فإذا هزم الحياء فسدت الحياة كلها، فإذا بك لا ترى صغيراً يوقر كبيراً، ولا ترى ابناً يبر أباً، ولا ترى ابنة تسمع أماً، ولا ترى تلميذاًَ يوقر أستاذه، وإذا بالحياة كلها تفشل، وإذا بالأخلاق تتبدل، وإذا بالصورة تعافها النفس، وإذا بها ظلمات في القلب، وضيق في الصدر، وأسن في النفوس، وخلل في العقول، وظلمة في الأبصار والبصائر، وكل مناحي الحياة تفسد.
ألسنا نرى اليوم آباء يصرخون من عقوق الأبناء؟ ما وقع ذلك إلا بسبب فقد الحياء.
ألسنا نرى اليوم معلمين يشكون من طيش التلاميذ، ومن سوء أدبهم، ومن قلة حيائهم؟ ألسنا نرى مدير الدائرة يشكو من لامبالاة موظفه؟ ألسنا نرى الرعية يشكون من الحاكم والحاكم يشكو من عدم مبالاة الرعية؟