تأملوا هذه الآيات: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:61] لا يقع شيء في ملكه إلا بقدره، يمهل ولا يهمل، فكثيراً ما يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفتله كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102].
ثم تأمل: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} [الأنعام:61]، أي: ملائكة تسجل كل صغيرة وكبيرة، وكل كلمة وحركة، وتأتي يوم القيامة: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء:14]، واسمع التصوير القرآني الفريد المؤثر: {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49] {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:62].
بكى محمد بن كعب، فقيل: ما يبكيك؟ قال: لا أدري ما صعد اليوم من عملي! وقال الحسن البصري رحمه الله: أدركت أقواماً يدعون ما لا بأس به مخافة أن يكون فيه بأس، ولقد أدركت أقواماً يأخذون ما فيه بأس رجاء ألا يكون فيه بأس.