إن خطابنا لأنفسنا أولاً ولجميع المسلمين ثانياً، وهو خطاب يوجه خصوصاً لكل من أسرف على نفسه في الفساد والإفساد، ذلك أن المفسد في ذات نفسه أمره وضرره قد لا يتعداه إلى غيره، غير أن الذي يروج الفساد وينشره ويبثه، ويموله ويصرف عليه، ويحسنه ويزينه؛ ذاك من يتحمل وزر غيره، وينال من السيئات كل ما قد يكون من أفعال من يتأثرون به لأن: (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً) قالها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وقال الله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:204 - 205]، سعى في الأرض ليفسد فيها، ما عسى أن نملك له؟! ما عسى أن نواجهه به؟! تلك هي القضية.