أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! صور كثيرة نراها ولا تسرنا، ونمر بها ونقع فيها أحياناً، ونلتفت إلى وجود الخلل فيها، وكثيراً ما نفكر في أننا استنفذنا كثيراً من وسائل إصلاحها، وأنها لم تبلغ في نفوس فاعليها مبلغها، ولم تؤثر في قلوبهم التأثير المنشود.
وسؤالنا: عندما نرى صور الفساد والإفساد فما الذي نملكه إزاءها؟ قد نعجز أن نغيرها بأيدينا، وليست لنا سلطة ولا سطوة، ولا يرهبنا أولئك المفسدون، بل قد يكون حالهم من التمكن والظهور ما يرهبون به من يريد أن ينكر عليهم، ولذلك قد نرى أن كلامنا لهم، واعتراضنا عليهم، وتعريضنا بهم ليس بالغاً مبلغه.
وهنا نفكر كثيراً، وقد جال بخاطري مثل هذا وأنا أفكر في الصور الكثيرة التي تتوالى علينا وتؤلمنا وتحزننا، فماذا عسى أن نملك، وما الدواء الذي يمكن أن نعرضه لعل فيه شفاء تلك القلوب المريضة، والنفوس السقيمة؟ ما الحقيقة التي إذا عرضناها قد تبدد ظلمات الطريق، وتصوب المسار؟ جال بخاطري ذلك وأنا أرى ذلك الإعلان الذي ضم صورة لفتاة حاسرة عن شعرها ووجهها، مصافحة لأجنبي عنها، وفوق هذه الصورة آيات من كتاب الله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ} [النساء:7] ونص حديث لرسول الله: (إنما النساء شقائق الرجال) وتعريض يفهمه كثير من الناس كذلك بشريعة الله عندما يقال: إننا نلتزم في هذا شريعة الله، وإننا نقدم من خلال هذه الصورة للفتاة نموذجاً للتربية الإسلامية على منهج الله.
جال ذلك بخاطري وأنا أرى المسابقات المتكررة وأقرأ عنها كثيراً، وترون إعلاناتها، وهي مسابقات الفنون والنجوم، ويقدم فيها من بلاد الحرمين على وجه الخصوص فتيات سافرات غير محجبات، يغنين الحب والغرام والهيام، ويتراقصن ويتمايلن على أنغام الموسيقى، وأرى وأسمع ذلك، وترونه وتسمعونه ربما وهو يتكاثر، وكأن أسلحتنا في المقاومة لم تجد نفعاً، فما عسى أن نقول في مقامنا هذا؟!