ضرورة معرفة الحاجة الملحة للداعية وطالب العلم

الأمر الثاني الذي أشير إليه: ينبغي أن نعرف الحاجة الملحة لكل منهما للآخر، فإن الداعية لا يمكن أن يدعو من غير علم قطعاً، لا نقول له: لا تدع حتى تعلم علم الأولين والآخرين، فإنه سيموت قبل أن يدعو، كلا، ولكن المقصود ألا يدعو إلى أمر حتى يعلمه، وألا يخوض في مسألة حتى يعرفها، وكثير من الأمهات المعلومات من الدين بالضرورة يشترك فيها الناس، هل يحتاج تذكيرك للناس بالصلاة وأهميتها وفضيلتها وحضك لهم على أدائها وزجرك لهم عن تركها، هل يحتاج ذلك إلى العلم الغزير؟ كلا، فإنك تستطيع أن تقوم بمثل هذا الواجب.

كذلك النهي عن المنكرات المحرمة من شرب الخمور وأكل الربا وفعل الفواحش لا شك أنها أمور معلومة من الدين بالضرورة، يمكن أن تقوم فيها بأمر الدعوة والتذكير من غير حاجة إلى ذلك التوسع والإلمام والشمول بالعلم، وفي الوقت نفسه لابد أيضاً أن يعرف العالم أو طالب العلم أنه لابد له من الدعوة والتعليم والإرشاد، فإن العالم الذي يعيش بين كتبه أو طالب العلم ويقتل المسائل بحثاً بين صفحات الكتب ويكتب على الورق ويشرق ويغرب ولا يعرف ما الناس محتاجون إليه، ولا يجيب سائلاً، ولا يعلم جاهلاً، ولا يذكر غافلاً، ولا ينصح متكاسلاً، ولا يزجر مخالفاً، لا شك أن علمه لم ينتفع به، لا له ولا لغيره، فنعلم أنه لا بد من حد أدنى لحاجة كل منهما للآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015