النقطة العاشرة: الأخذ والتلقي، فلا يكفي خاصة عند الابتداء أن يرجع طالب العلم إلى الكتاب، وهذه مشكلة كبيرة، فإن بعض الشباب بمجرد أن يسمع عن الكتب المشهورة مثل: فتح الباري شرح صحيح البخاري، والطحاوية في العقيدة، والمغني في الفقه، فتراه يمسك الكتاب ويقرأ فيه، ويريد أن يتعلم منه قبل أن يتلقى عن شيخ متقن مجيد فاهم حافظ عالم بهذا العلم، لا شك أن هذا يخلط خلطاً عجيباً، بل يقع في أخطاء شنيعة وفظيعة، وأذكر مثالاً يذكر على سبيل الطرفة وهو متعلق بقراءة قارئ ليس بمتقن لحديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سد فرجة في الصلاة فله كذا وكذا) فعندما قرأ لم يضبط القراءة فقال: من سد فرجه في الصلاة، فنكس المعنى وشنع وقبح، وهكذا قال بعض أهل العلم: إنه يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم، وهي معدومة عند المعلم وهي التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم اللفظ، أحياناً أخطاء مطبعية وتسمع عند من يقرأ بعض الكتب قراءة خاطئة يشكو منها سيبويه والكسائي في قبورهما أو في تاريخهما.
بسبب هذه الأخطاء لا يعرف خاصة في كتب المتقدمين وكذلك الغلط بزوغان البصر قد ينتقل من سطر إلى سطر أحياناً، ويعجب من هذا النص الفريد كيف كذا ولا ينتبه، بينما الشيخ المحكم المتقن يستحضر في ذهنه فيرده، وكذلك قلة الخبرة بالإعراب، وكتابة ما لا يقرأ وقراءة ما لا يكتب، ومذهب صاحب الكتاب إن كان مخطئاً، وفي هذه المسألة لم يصب على وجه الخصوص، وسقم النسخ، ورداءة النقل، وإدماج القارئ مواضع المقاطع، وهذه كثيرة جداً يقرأ المقطع فيقف في موقف ويصل بعد ذلك الكلام بجملة أخرى، فلا تعرف هل هو يقرأ بالعربية أم بغيرها؟! لأنه شتت المعاني وجزأ الكلمات فلم يحسن ولم يفهم عنه غيره، إلى غير ذلك.
ثم قال: وخلط مبادئ التعليم وذكر ألفاظ مصطلح عليها في تلك الصناعة إلى آخر ما يقال في مثل هذه المسائل، هذا ما يتعلق بالشق الأول وهو ملامح منهجية طلب العلم.