بين الوسائل والغايات

الناس يغيب عنهم أمر مهم وهو أن الوسيلة لا تراد لذاتها وإنما تراد لغيرها، أي للمطلب الذي تؤدي إليه، وأضرب مثالاً أبين فيه المقصود في هذا: لو أن شخصين رأيا منكراً، واتفقا على أن هذا منكر، وهما متفقان أنه يجب تغييره، لكن اختلفا في الوسيلة، فهذا يرى التعجل في إنكار المنكر، وذاك يرى التأني، أو هذا يرى أنه يمكن أن يكون التغيير باليد، أما الآخر فيرى أنه يكفي الوعظ لما يعلم من حال هذا، فإذا اتفقا في الغاية وفي أصل الحكم الشرعي ينبغي ألا يكون اختلاف الوسيلة مثار النزاع، بل أحياناً مثار اتهام! فيقول: إن هذا يقر المنكر ويرضى به، وإن هذا يساعد على المنكر؛ لأنه لم ينكره بالطريقة التي يتصورها هو، أو التي يريدها هو، إن لم تفعل مثلما كان يتصور ومثلما يرى أنه الأصلح والأكمل فأنت إذاً لست بمنكر للمنكر، ولست بمريد للخير! فهذا لا شك أنه خطأ، فإن بعض الناس يرى أموراً من الحكمة، ودقائق من مسائل العلم، ومعرفة بحال المنكر، أو بحال الواقع في المنكر، ويرى أنه يريد أن يأخذ أسلوباً آخر، فلماذا يكون هذا الشطط والإباء، مع أن الاتفاق في الغاية حاصل؟! كثير من المشكلات تقع بسبب هذا لا بسبب غيره.

فهذه جملة من القضايا التي لم نتعرض لها فيما مضى، وذُكرت في بعض هذه المشاركات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015