في هذه البدايات لابد أن نجتهد جميعاً في أن نلم ونقرأ ونستمع إلى جل الفضائل والمحاسن في هذا الشهر، حتى لا يغيب عنا منها شيء، وحتى تكون كل واحدة منها كأنها مسعر حرب في قلوبنا ونفوسنا.
فإن وجدنا القرآن وجدنا فضائله في رمضان، وإن وجدنا الإنفاق وجدنا فضائله في رمضان، وإن وجدنا الذكر والدعاء وجدنا فضائله في رمضان، وهكذا إن وجدنا صلة الرحم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود ما يكون في الخير في رمضان، فكان أجود من الريح المرسلة، وكان أكثر ما يصلي عليه الصلاة والسلام في رمضان، وكان أكثر ما ينفق في رمضان، وكان أكثر ما يتفقد الناس في رمضان، وكان أكثر شيء في كل جانب من الجوانب في رمضان.
فينبغي لنا أن نحرص على معرفة هذه الفضائل، وأن نقرأها، وأن نستمع إليها حتى تحمسنا وتشجعنا، وحتى نتذكر أخذ كل باب من أبواب الخير.
ونحن أحياناً في رمضان نقتصر على بعض الأبواب دون بعض، فالناس يؤدون فريضة الصيام، وهو فريضة الوقت؛ وأكثرهم يكثرون من التلاوة ومن الصدقات، وينسون أن هناك أبواباً من الخير كثيرة.
فهناك أبواب الذكر وكثرته، وأبواب الدعاء وخشيته، وأبواب تفقد الناس وصلة الرحم، وأبواب أخرى مختلفة متعددة متنوعة في كل جانب من جوانب الطاعات.
والأمر الثاني: أن الذي نأخذه في البدايات هو الأعلى فالأعلى؛ فإن قصرت عنه ذكرت نفسك أنك قصرت فطلبت مرة أخرى العودة إلى ذلك الأعلى، ولا تبدأ بالأدنى؛ فإنك إن دنوت لم تشعر بالدنو، وما تزال تدنو وتدنو حتى تعود إلى حال لا ترضاها لنفسك في مثل هذا الموسم العظيم وهذا الشهر الفضيل.