أيها الإخوة المؤمنون! في ظلال آيات الله سبحانه وتعالى نبقى اليوم مع آية من هذه الآيات العظيمة، التي تُعلِّمنا ما ينبغي أن نكون عليه، وتحثنا على ما فيه خيرنا في دنيانا وأخرانا.
يقول الحق جل وعلا: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:108]، وفي موضع آخر يقول الحق جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222].
هذه الآيات تشعرنا بأن الحق جل وعلا يحب المتطهرين، وذلك لا شك موجب من موجبات السعي إلى هذا التطهر ما دام فيه مرضاة الله عز وجل، وما دام المتحلي به يكون محبوباً عند الحق جل وعلا.
والتطهر: هو التنزه عن الأدناس، والبعد عن الأرجاس، وحسن المعاملة مع الناس.
فالتطهر: هو أن تبقى محافظاً على ما من شأنه أن يجعلك بين الناس وضيئاً وجيهاً، وعند الله سبحانه وتعالى محبوباً مقرباً.
هذا التطهر يظهر في أمرين واضحين من خلال الأمور العادية المحسوسة التي نعيش فيها ونتعامل بها.
إن التطهر يقتضي أولاً: أن تبتعد عن أسباب الأقذار والأوساخ، فإذا لبس الواحد منا ثوباً نظيفاً أو جديداً فإنه يكون أشد تحوطاً وأكثر تنبهاً من ورود أماكن الأوحال، أو من المرور بأماكن القاذورات، فإذا اضطر وكان قريباً منها فإنه يسعى إلى أن يرفع ثوبه، أو أن يحفظه بما يقيه من هذه الأدناس والأوساخ، ولكنه قطعاً مع شدة تحوطه واحتياطه، ومع عظيم تنزهه وابتعاده سيمر اليوم واليومان والأسبوع والأسبوعان، وسيجد أنه قد أصاب ثوبه بعض القذر، فهل يا تراه يسكت عن هذا ويرضى به؟ إنه يسعى مباشرة إلى خلعه وتنظيفه من جديد؛ لتعود له وضاءته وبياضه ونصاعته؛ لأنه يحب أن يكون متطهراً متجملاً.
وقد تفنن الناس اليوم كثيراً في أسباب التطهر المادي، فهذه أنواع متعددة من الصابون الذي يزيل الأوساخ، والذي يجعل الملابس أشد نصاعة وبياضاً كما يقولون، وهناك مطهرات للفم، وهناك مطهرات للفرش، وهناك مطهرات للحيطان، وهناك مطهرات للبلاط، وهناك مطهرات تجمع مع التطهير طيب الرائحة، وأخرى -كما يقولون- تجمع مع التطهير لمعاناً وبريقاً.
ويظل
Q أين مطهرات القلوب؟ وأين مطهرات العقول؟ أين تطهير البواطن؟ أين السعي إلى التطهير الذي يكون به العبد محبوباً عند الله سبحانه وتعالى؟!