الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله وخير خلق الله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى من اتبع سنته واقتفى أثره وسار على هداه، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين والدعاة.
أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من أعظم التقوى التزام شرع الله في معاملة النساء، والتزام شرع الله عز وجل في هذه الأحكام التي تجاوزها عدد غير قليل من المسلمين، فأجحفوا في حق المرأة، وظلموها من ذات أنفسهم ومن خلال أعرافهم أو قواعد قبلياتهم ونحو ذلك، بأمور وأفعال ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان.
وإن من الحقوق التي تظهر حرية المرأة واستقلاليتها: حرية شهود العبادة: فإن هذا الدين العظيم جعل للمرأة الحق في أن تشهد بعض العبادات من غير فرض ووجوب عليها، ولكن المشاركة لها في بعض الأمور قد ثبتت ثبوتاً متواتراً قطعياً في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك كشهود صلاة العيد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحض النساء على الخروج إليها حتى تخرج ذوات الخدور من بيوتهن، وحتى يخرج الحيض ويكن في معزل عن المسجد يشهدن الخير مع المسلمين.
وكذلك الخروج إلى الصلوات المعتادة، فإنه ليس من المحرم ولا من المكروه إن لم يكن هناك ارتكاب لمكروهات أو محرمات، فتشهد المرأة صلاة الجماعة مع المسلمين، فقد ثبت ذلك في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وثبت أن النساء كن يصلين الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث آية نزول الحجاب.
وكذلك ورد في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه قال لامرأة عمر: لماذا تخرجين إلى الصلاة وأنت تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟! فقالت: وما يمنعه أن ينهاني؟! فقال ابن عمر: يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله).
فالحكم الشرعي لا يتغير لتغير أفكار بعض الناس أو لسوء تطبيقه، بل ينبغي لنا أن نطبق الحكم الشرعي كما هو، فإن جاءت ملابسات أو ظروف فإنها لا تلغي الحكم الشرعي وإنما يقال: إن ثمة فتنة أو ثمة ضرراً أو ثمة خوفاً لأجله منع هذا الأمر لا لإبطال أصله، فإن بعض الناس قد يكون عنده غيرة أو حماسة، فيجعل المنع حكماً شرعياً كأنه دائم أو كأنه أصلي أساسي.