والأمر الثاني: المعرفة بالأثر والخطورة.
فإن المعلم اليوم يمكن أن ينشئ جيلاً صالحاً أو طالحاً، وإن المدرسة اليوم يمكن أن تعيد إلينا أبناءنا إلى بيوتنا وقد تشوشت أفكارهم وانحرفت سلوكهم، أو تعيدهم إلينا وقد ثبت إيمانهم ورسخ يقينهم وسمت أخلاقهم، بل قبل ذلك نحن -معاشر الآباء والأمهات- عندما كان أبناؤنا في صغرهم قبل المدارس وحتى في أثناء المدارس نحن الذين وضعنا بصماتنا عليهم، فإن وجدت ابناً بذيء القول سيئ الفعل فاعلم أن لذلك حظاً من أسرته وبيته، إما تفريطاً في المهمة وإما إكساباً لهذه الأخلاق من سلوك الآباء والأمهات، ومن هنا فإن المهمة خطيرة وعظيمة، فإن أبناءنا الصغار لا أقول في الثالثة والرابعة من العمر والخامسة قبل الدراسة، بل حتى وهم في بطون أمهاتهم، تبدأ التربية من هناك، وقد يعجب بعض الناس من ذلك، فنذكر بما وجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر ودعاء عند معاشرة الرجل أهله، وقال فيه عليه الصلاة والسلام: (فإن قدر بينهما ولد لم يضره الشيطان) وعندما أخبرنا وسن لنا أن يؤذن في أذن الوليد ويقام في أذنه اليسرى حتى ينطبع في نفسه ونفس الإنسان وخلقه شيء عجيب، فلم يعرف الناس بعد إلا القليل من أسراره، فيكون ذلك موطئاً لما يكون في هذا، بل قد حث الرسول صلى الله عليه وسلم ووجه باختيار المرأة الصالحة؛ لأنها المحضن لهذه التربية.