هذا حديث يحكي واقعنا: (يا كعب بن عجرة! أعيذك بالله من أمراء يأتون من بعدي) أي: لا يكونون على نهجي، قال: (فمن غشي أبوابهم، وصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم)، فنحن شئنا أم أبينا جزء من هذه المسئولية لهذا الفساد الذي عم وطم، نسأل الله عز وجل السلامة.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حديثه: (يا كعب بن عجرة! الصلاة برهان، والصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة) لم قال ذلك؟ يا مسلمي اليوم! يا أتباع محمد! التفتوا إلى واجباتكم التي قصرتم فيها، التفتوا إلى الفرائض والطاعات والعبادات التي لم تعودوا تؤدونها، أو لم تعودوا تؤدونها على الوجه المطلوب؟! اعلموا أن طاعتكم واستقامتكم طريق لتغير أحوالكم بإذن الله عز وجل: (الصلاة برهان، والصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار).
ثم أفرد النبي تنبيهاً وتحذيراً: (يا كعب بن عجرة! إنه لا يربو لحم من سحت إلا كانت النار أولى به)، كيف ترجون إجابة الدعاء والطعام حرام والملبس حرام، وقد شاع بين الناس وهان في نفوس كثير منهم أكل الحرام؟ يقول صلى الله عليه وسلم: (كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به)، (يمد يديه إلى السماء، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له)، (يا سعد بن أبي وقاص! أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة).
لم لفت النبي صلى الله عليه وسلم النظر إلى الأفعال المطلوبة، وإلى الأفعال المحذور منها والمنهي عنها؟ ليقول: إنه لا بد لكم من عمل تصلحون به أحوالكم، وتغيرون به نفوسكم، حتى تتهيئوا لرحمة ربكم.
ولو أردنا أن نفيض في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم لوجدنا الكثير من ذلك، ولوجدنا ما يستدعي ويسترعي انتباهنا.