استمعوا معي إلى هذه الآيات: {وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف:127].
تأملوا هذه الآية في مطلع مقطع قصير من هذه القصة: (وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ) أليس هذا هو واقعنا اليوم؟! أليس أهل الإسلام والإيمان هم الإرهابيون وهم العنصريون، وهم المفسدون في الأرض؟ ومن يقول ذلك؟! يقوله أكابر المجرمين من شذاذ الأرض وأفاكيها من اليهود ومن يعينهم من الصليبيين اليمينيين المتطرفين.
(أَتَذَرُ مُوسَى) نبي الله عز وجل! كليم الله سبحانه وتعالى، (وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ) أي إفساد جاء به موسى عليه السلام؟ يقول ابن كثير في تفسيره: أتدعهم ليفسدوا في الأرض، أي: ليفسدوا رعيتك، ويدعوهم إلى عبادة ربهم دونك، يقول ابن كثير بهذه العبارات: يا لله العجب! أصار هؤلاء هم المفسدين؟! ألا إن فرعون وقومه هم المفسدون ولكن لا يشعرون! وقال السعدي: ليفسدوا في الأرض بالدعوة إلى الله، وإلى مكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال التي هي الصلاح في الأرض، وما هم عليه هو الفساد.
نعم هذا هو واقع اليوم، هذه الأمور التي انقلبت، والمقاييس التي انتكست، والحقائق التي تبدلت وتغيرت، حتى أصبح الطاهر قذراً، وصاحب الحق مبطلاً، والناطق بالخير مفسداً، لم يقل ذلك أعداء الله فحسب، بل صرنا اليوم نسمعه من بني جلدتنا، ومن الناطقين بلغتنا، بل ربما نرى من يقوم به في واقعنا أكثر ممن يقوم به من أعدائنا: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف:127] وجاء جواب فرعون طاغية الأرض الأعظم: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف:127] حرب على الإرهاب لا هوادة فيها، سنظل نحارب الإرهاب، وسنجمع الدول كلها لمحاربة الإرهاب، وعلى الجميع أن يحاربوا الإرهاب، ذلك الذي نسمعه اليوم هو الذي نقرؤه في آيات الله، ولكن المهم عندنا ما الذي قاله موسى لقومه؟ ما الذي قاله للمؤمنين من أتباعه من بني إسرائيل؟ وماذا كانت نهاية الأمر؟