الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين, وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، أما بعد: فأيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن هذه المخاطر الجسيمة والوعود العقيمة لابد أن ننتبه لها، والمقام يضيق عن ذكر الواجب نحوها، وقد أسلفنا شيئاً من ذلك، ولعلي أكرر وأنبه.
أولاً: ضرورة الوعي والإدراك لحقائق الأمور وخلفياتها الدينية والسياسية والواقعية، فلسنا أغبياء ولا حمقاء (ولست بالخب، ولا الخب يخدعني).
الأمر الثاني: إدراك استهداف الدين والعقيدة والهوية الإسلامية، ومعرفة أن هذا هو المعقل الأخير الذي إن تهوانا فيه كان بمثابة الداء السرطاني الذي يوشك أن يأتي على الجسد كله، فما لم نغر على ديننا، وما لم يكن لدينا حمية وقوة وعزة للكفاح والدفاع عن عقيدتنا، والجهاد في سبيل إعلاء رايتها؛ فلا خير فينا، ولا أمل في نصرتنا وعزتنا، فضلاً عن قدرتنا على مواجهة أعدائنا.
الأمر الثالث: أن نكون عمليين في كل ما يقتضي مواجهة هذا العداء السافر، وتلك المؤامرات الخطيرة، بالأساليب الحكيمة، والعمل الدءوب المتواصل؛ فإننا نستهدف -معاشر المسلمين- استهدافاً متوالياً وشاملاً لم يعد قاصراً على قضيتنا العسكرية، ولا على هويتنا الثقافية، ولا على مناهجنا التعليمية، ولا على قدراتنا الاقتصادية، ولا على استقلالاتنا السياسية، إنه يهدف إلى أن يضعف ذلك كله ويقوضه.