إذا أردنا أن نجد الصورة العظيمة في كتاب الله التي تعرفنا بهؤلاء الأبناء من هم؟ فقد ذكر الله عز وجل في مجمل الآيات صفات عظيمة نوردها إجمالاً، وفي التفصيل في ذلك ما يكون له أثر أكبر وأعظم، هؤلاء هم زينة الحياة، يقول عز وجل: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف:46].
وهم نعمة الله سبحانه وتعالى حتى كان من دعاء عباده المقربين قوله جل وعلا: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74].
وهم كذلك القوة التي منّ الله عز وجل بها علينا بقوله سبحانه: {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} [الإسراء:6].
وهم من بعد ذلك المثوبة والأجر الممتد كما أخبر الحق عز وجل في دعاء الرسل والأنبياء، وفي كثير مما جاء في قصص القرآن يقول عز وجل حاكياً عنهم: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة:128]، {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم:40].
من يستشعر المسئولية ويرغب في المثوبة والأجر والذكر الممتد بعد وفاته فالطريق إليه هو تربية الأبناء وحسن تأديبهم؛ ليكونوا الأنموذج الذي يذكر بآبائهم وأمهاتهم، وليكونوا العمل الصالح المستمر من بعدهم، والدعاء الخاشع المتواصل لآبائهم وأمهاتهم، والأمر في ذلك يطول كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى في آياته الكثيرة، ولعلنا ندرك بهذا أهمية الأمر وجسامة المسئولية فننتدب لها، ونهيئ أنفسنا لأدائها، كما نحرص على إيماننا وتوحيدنا، وكما نجتهد على أداء فرائضنا من صلاتنا وزكاتنا وحجنا وصومنا، كما نكون كذلك ينبغي أن نستشعر أن المهمة والأمر والواجب والمسئولية تجاه أولئك الأبناء والبنات، الذين نشكو اليوم من صور انحراف ما بين تفريط وإفراط، ومرد ذلك في كثير من الأحوال والأسباب إلينا نحن معاشر الآباء والأمهات.
اللهم إنا نسألك أن تصلح أزواجنا وذرياتنا، وأن تجعلهم صالحين، وأن تجعلنا وإياهم من الطائعين، وأن تحسن ختامنا أجمعين.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.