لعلي أذكر لكم صوراً هنا كثيرة، أحب أن أراها متقابلة: في صحافة هذا اليوم قول منسوب إلى أسماء من نساء هذه البلاد، تشكو إحداهن أن دوامها في العمل تسع ساعات، وأنها تتعرض لبعض الأذى في أثناء طريقها للعمل، ثم تقول بعد ذلك: إن طموح المرأة السعودية ليس له حد، ومنافستها للرجل مستمرة! ولست أدري هل نحن في معركة أو حلبة مصارعة أو ملاكمة ليكون هناك منافسة بين الرجل والمرأة، وإذا كانت هناك منافسة بين الرجل والمرأة فما مصير الأسرة؟ وما مصير الأنس الاجتماعي؟ وما مصير العلاقات التي كنا ولا زلنا نحرص عليها في داخل بيوتنا وفي علاقاتنا الاجتماعية؟! وتقول كذلك: على الرغم من وجود معوقات إلا أن المرأة استطاعت أن تجتاز شوطاً في مجالات عدة، فقد كانت محصورةً في إطار التعليم والطب، وتجاوزتها إلى الهندسة والصحافة والمحاماة.
ولست أدري هل تريد المرأة أن تصبح حمالةً تحمل الأثقال، أو بناءةً تبني في شمس الظهيرة، وقد أعزها الإسلام بأن تكون معززةً مكرمة مخدومةً، منفقاً عليها، وهناك من يتولى أمرها ويحرص عليها، وعملها في ميادين تحتاجها أخواتها وبغير اختلاط، وبغير إسفاف، وبغير تضييع المهمة الأولى؟!! عجباً أن يقال مثل هذه الأمور! وتقول أخرى: نحن اليوم نرى في بعض الشركات الكبرى المهندسات السعوديات وهن مسئولات عن رجال.
ولست أدري كذلك لم يقال مثل هذا؟! لكنني أنقلكم إلى صور أخرى كثيرة، هي الأصل.
لا تسمعوا إلى صوت واحد، وتنسوا آلاف وعشرات من الآلاف ومئات من آلاف الأصوات، فخلال الفترات الماضية كان هناك اكتتاب لبنك جديد، وأعلم أنكم تعلمون أن عشرات الآلاف كل يوم يتصلون ويسألون العلماء وطلبة العلم والدعاة: هل يجوز الاكتتاب؟ هل هذا البنك يعمل وفق الشريعة الإسلامية؟
و Q لماذا يسأل أولئك الآلاف، والأموال في جيوبهم، والأرباح معروفة عندهم؟! إنهم وقافون عند دين الله وشرع الله، إنهم يمثلون الحقيقة العظمى، وهي أن الإسلام طبع في نفوسهم وقلوبهم، فإذا جاءت بنوك إسلامية فهي الأصل وغيرها الشاذ، وإذا جاءت أعمال تفصل بين الرجال والنساء فهذا هو الأصل وغيره الشاذ، دعوا الشذوذ في البلاد الأخرى يعتدل إلى الأصل، ولا تطلبوا من الأصل أن يعود إلى الشذوذ؛ فذلك لا يفعله إلا الحمقى والمغفلون.
ونعود مرة أخرى إلى صور مختلفة ومغايرة ومتنوعة: ففي هذه الانتخابات البلدية، قال المسئول الأول عن الأمن: كلنا تيار إسلامي ونحن مسلمون في هذه البلاد.
عجباً من سيتقدم؟ إنهم مواطنو هذه البلاد، والأصل أنهم مسلمون، فإن شذ شاذ، أو رأى نفسه على غير ذلك، فهو وشأنه، لكن التيار العام الأصيل الغالب هو هذا الإسلام، والمسلمون هم الذين عاشوا وما زالوا يعيشون بروح الإسلام، وإن وجد تقصير أو تفريط أو تجاوز فهو الشذوذ الذي يرد بالدعوة والحكمة والموعظة الحسنة، والاستعانة بعد الله بأهل المسئولية، وقيام هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك كله ظاهر واضح، وهذا أمر يطول الحديث فيه.
خلاصة القول: بلد الإسلام دستورها الإسلام، وتاريخها الإسلام، وواقع أبنائها يدين بذلك، وكثير من المقيمين فيها ما جاء أكثرهم لدرهم ودينار فحسب، بل جاءوا يريدون أن يفيئوا إلى ظلال يتنفسون فيها أنفاساً طاهرةً نقية، ليس فيها عهر ولا فجور ولا اختلاط ولا تبرج ولا مجاهرة بنقد الإسلام والتجرؤ عليه، وذلك هو الحق الذي نحتاج أن نتعاون على إظهاره وإبقائه، وتطبيعه، فنعم هذا التطبيع! نسأل الله عز وجل أن يشيع الإسلام في قلوبنا ونفوسنا، وعلى ألسنتنا وأقوالنا، وفي أعمالنا وأحوالنا، وأن يجعلنا من عباده الصالحين، وأن يختم لنا بالصالحات.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.